للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالُوا: وأما حَديثُ الضَّبعُ فتَفرَّدَ به عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي عمارةَ، وأحادِيثُ تَحريمِ ذَواتِ الأنيابِ كلُّها تُخالِفُه، قالَوا: ولَفظُ الحَديثِ يَحتملُ مَعنيَينِ: أحَدُهما: أنْ يَكونَ جابرٌ رفَعَ الأكلَ إلى النبيِّ ، وأنْ يَكونَ إنما رفَعَ إليه كَونَها صَيدًا فقطْ، ولا يَلزمُ مِنْ كَونِها صَيدًا جَوازُ أكلِها، فظَنَّ جابرٌ أنَّ كونَها صَيدًا يَدلُّ على أكلِها، فأفتَى به مِنْ قَولِه ورفَعَ إلى النبيَّ ما سَمِعَه مِنْ كَونِها صَيدًا.

ونَحنُ نَذكرُ لفْظَ الحَديثِ ليَتبيَّنَ ما ذكَرْناهُ، فرَوى التِّرمذيُّ في جَامعِه مِنْ حَديثِ عُبيدِ بنِ عُميرٍ اللَّيثيِّ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي عمارةَ قالَ: «قلتُ لجابرِ بنِ عَبدِ اللهِ: آكُلُ الضَّبعَ؟ قالَ: نَعمْ، قلتُ: أصَيدٌ هيَ؟ قالَ: نعمْ، قلتُ: أسَمعْتَ ذلكَ مِنْ رَسولِ اللهِ ؟ قالَ: نَعمْ» قالَ التِّرمذيُّ: سَألتُ مُحمدَ بنَ إسماعِيلَ عن هذا الحَديثِ فقالَ: هو صَحيحٌ، وهذا يَحتملُ أنَّ المَرفوعَ منهُ هو كَونُها صَيدًا، ويَدلُّ على ذلكَ أنَّ جَريرَ بنَ حازمٍ قالَ: عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ عن ابنِ أبي عمارةَ عن جابرٍ عن رَسولِ اللهِ «أنه سُئلَ عن الضبُعِ فقالَ: هي صَيدٌ وفيها كَبشٌ»، قالَوا: وكذلكَ حَديثُ إبراهيمَ الصائغِ عن عَطاءٍ عن جابرٍ يَرفعُه: «الضَّبعُ صَيدٌ، فإذا أصابَه المُحرِمُ ففيهِ جَزاءٌ كَبشٌ مُسِنُّ، ويُؤكلُ»، قالَ الحاكِمُ: حَديثٌ صَحيحٌ، وقولُه: «ويُؤكلُ» يَحتملُ الوَقفَ والرَّفعَ، وإذا احتَملَ ذلكَ لم تُعارَضْ به الأحاديثُ الصَّحيحةُ الصَّريحةُ التي تَبلغُ مَبلغَ التَّواترِ في التَّحريمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>