للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُمرِ الأهلِيةِ، وهو لا يَقولُ هذا في الحُمرِ الأهليةِ؛ لأنه لا تَعملُ الذَّكاةُ عندَه في لُحومِها ولا في جُلودِها، ولو لم يَكنْ عندَه مُحرَّمًا إلا ما في هذهِ الآيةِ لَكانَتِ الحُمرُ الأهلِيةُ عندَه حَلالًا، وهو لا يَقولُ هذا ولا أحَدٌ مِنْ أصحابِه، وهذهِ مُناقَضةٌ (١).

فليسَ في قولِه تعالَى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥] حُجةٌ لمَن خالَفَنا؛ لأنَّ سُورةَ الأنعَام مَكيَّةٌ، وقد نزَلَ بعدَ هذا قُرآنٌ فيه أشياءُ مُحرَّماتٌ، ونزَلَتْ سُورةُ المائِدَة بالمَدينةِ وهيَ مِنْ آخِرِ ما نزَلَ، وفيها تَحريمُ الخَمرِ وتَحريمُ المُنخنِقةِ والمَوقوذةِ والمُتردِّيةِ والنَّطيحةِ، وحرَّمَ رَسولُ اللهِ مِنْ البُيوعِ أشياءَ كَثيرةً، ونَهيُه عن أكلِ ذي نابٍ مِنْ السِّباعِ كانَ بالمَدينةِ؛ لأنه رواهُ عنهُ مُتأخِّرُو أصحابِه أبو هُريرةَ وأبو ثَعلبةَ وابنُ عبَّاسٍ ، وقد حرَّمَ رَسولُ اللهِ نِكاحَ المَرأةِ على عَمَّتِها وخالَتِها، ولم يَقلْ أحَدٌ مِنْ العُلماءِ أنَّ قولَه: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ يُعارِضُ ذلكَ، بل جعَلُوا نَهيَه عن نِكاحِ المَرأةِ على عَمَّتِها وخالتِها زِيادةَ بَيانٍ على ما في الكِتابِ.

فذُو النابِ مِنْ السِّباعِ الأسدُ والذِّئبُ والنَّمرُ والفَهدُ والثَّعلبُ والضَّبعُ والكَلبُ والسِّنورُ البَريُّ والأهليُّ وكذلكَ الفيلُ وابنُ عُرسٍ مِنْ جُملةِ ذِي النابِ ونَحوُها، وذو المِخلبِ مِنْ الطُّيورِ الصَّقرُ والبازِي والنِّسرُ والعُقابُ والشاهينُ ونحوُها.


(١) «التمهيد» (١/ ١٤٠، ١٤٢)، و «الاستذكار» (٥/ ٢٨٦، ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>