للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشَرطِه كالمُسلمِ، فإنْ لم يُعلَمْ أَسمَّى الذابحُ أم لا؟ أو ذكَرَ اسمَ غيرِ اللهِ أم لا؟ فذَبيحتُه حَلالٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى أباحَ لنا أكْلَ ما ذبَحَه المُسلمُ والكِتابيُّ وقد عَلِمَ أنَّنا لا نَقفُ على كلِّ ذابحٍ.

وقد رُويَ عن عائِشةَ أنهُم قالَوا: «يا رَسولَ اللهِ إنَّ قَومًا حَديثُو عَهدٍ بشِركٍ يَأتونَنا بلَحمٍ لا نَدرِي أذَكَروا اسمَ اللهِ عليهِ أو لم يَذكُروا؟ قالَ: سَمُّوا أنتُم وكُلُوا» أخرَجَه البُخاريُّ (١).

وقالَ المِرداويُّ : فأما إذا ذُكرَ اسمُ غيرِ اللهِ عليهِ فقالَ في «المُحرَّر» و «الحاوِي الكَبِير»: فيهِ رِوايتانِ مَنصوصتانِ: أصَحُّها عندِي تَحريمُه.

قالَ في «الفُرُوع»: ويَحرمُ على الأصَحِّ أنْ يُذكرَ غيرُ اسمِ اللهِ تعالَى، وقطَعَ به المُصنِّفُ وغيرُه، وقدَّمَه في «الرِّعايتَين» و «الحاوِي الصَّغِير»، وعَنهُ: لا يَحرمُ، ونقَلَ عبدُ اللهِ: لا يُعجِبُني ما ذُبحَ للزُّهرةِ والكَواكبِ والكَنيسةِ وكلُّ شَيءٌ ذُبحَ لغيرِ اللهِ، وذكَرَ الآيةَ (٢).

وقالَ ابنُ حَزمٍ : ولا يَحلُّ أكلُ ما ذُبحَ أو نُحرَ لغيرِ اللهِ تعالَى، ولا ما سُمِّيَ عليهِ غيرُ اللهِ تعالَى مُتقربًا بتلكِ الذَّكاةِ إليهِ، سَواءٌ ذُكرَ اللهُ تعالَى معَه أو لم يُذكرْ، وكذلكَ ما ذُكِّيَ مِنْ الصَّيدِ لغيرِه تعالَى، فلو قالَ: «باسمِ اللهِ وصلَّى اللهُ على المَسيحِ، أو قالَ: على مُحمدٍ» أو ذكَرَ سائرَ الأنبياءِ فهو حَلالٌ؛ لأنه لم يُهِلَّ به لهُم، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾


(١) «المغني» (٩/ ٣٢١).
(٢) «الإنصاف» (١٠/ ٤٠٩)، وانظُرْ: «المبدع» (٩/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>