للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثَرُ أهلِ العِلمِ يَرَونَ إباحةَ صَيدِهم أيضًا، قالَ ذلكَ عطاءٌ والليثُ والشافِعيُّ وأصحابُ الرأيِ، ولا نَعلمُ أحَدًا ثبَتَ عنه تَحريمُ صيدِ أهلِ الكِتابِ، إلا مالِكًا أباحَ ذَبائِحَهم وحرَّمَ صيدَهُم، ولا يَصحُّ؛ لأنَّ صَيدَهم مِنْ طَعامِهم، فيَدخلُ في عُمومِ الآيةِ، ولأنَّ مَنْ حلَّتْ ذَبيحتُه حَلَّ صَيدُه كالمُسلمِ. فَصلٌ: ولا فرْقَ بينَ العَدلِ والفاسِقِ مِنْ المُسلمينَ وأهلِ الكِتابِ ....

ولا فرْقَ بينَ الحَربيِّ والذمِّيِّ في إباحةِ ذَبيحةِ الكِتابيِّ منهُم، وتَحريمِ ذَبيحةِ مَنْ سِواهُ، وسُئلَ أحمَدُ عن ذَبائحِ نصارَى أهلِ الحَربِ فقالَ: لا بأسَ بها … ، وقالَ ابنُ المُنذرِ: أجمَعَ على هذا كُلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ، منهُم مُجاهدٌ والثوريُّ والشافِعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرأيِ، ولا فرْقَ بينَ الكِتابيِّ العرَبيِّ وغَيرِه؛ لعُمومِ الآيةِ فيهِم (١).

وقد نقَلَ الإجماعَ على حِلِّ ذَبائحِ أهلِ الكِتابِ كَثيرٌ مِنْ أهلِ العِلمِ، منهُم ابنُ رُشدٍ وابنُ تَيميةَ وابنُ القيِّمِ والنَّوويُّ وغَيرُهم كَثيرٌ.

قالَ ابنُ رُشدٍ : فأما أهلُ الكِتابِ فالعُلماءُ مُجمِعونَ على جَوازِ ذَبائحِهم؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٥] (٢).


(١) «المغني» (١٣/ ٤٢، ٤٣)، وانظُرْ: «الإجماع» (٢٢٣).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>