للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمَ الكلِّ فيما بُنيَ على التوسِعةِ في أصولِ الشَّرعِ، والذكاةُ بُنيَتْ على التَّوسعةِ حيثُ يُكتفَى فيها بالبعضِ، فيُقامُ الأكثرُ مَقامَ الجَميعِ.

وقالَ أبو يُوسفَ : لا يَحلُّ حتَّى يَقطعَ الحُلقومَ والمَريءَ وأحَدَ العِرقينِ، وإلا فَلا، حتى لو قطَعَ الحُلقومَ والمَريءَ أو اقتَصرَ على أحَدِهما مع الوَدجينِ لم يَجُزْ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنْ العُروقِ يُقصدُ بقَطعِه غيرُ ما يُقصدُ به الآخَرُ؛ لأنَّ الحُلقومَ مجرَى النفَسِ، والمَريءَ مَجرَى الطَّعامِ، والوَدجينِ مَجرَى الدمِ، فإذا قُطعَ أحدُ الوَدجينِ حصَلَ بقَطعِه المَقصودُ منهُما، وإذا تُركَ الحُلقومُ لم يَحصلْ بقَطعِ ما سِواهُ المَقصودُ منه، ولذلكَ اختَلفَا.

وقالَ مُحمدٌ : لا يَحلُّ حتَّى يَقطعَ مِنْ كلِّ واحِدٍ مِنْ الأربَعةِ أكثَرَه؛ لأنه إذا قطَعَ الأكثَرَ مِنْ كلِّ واحِدٍ مِنْ الأربَعةِ فقدْ حصَلَ المَقصودُ بالذَّبحِ، وهو خُروجُ الدمِ؛ لأنه يخرجُ ما يَخرجُ بقَطعِ الكُلِّ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ شرْطَ صِحةِ الذَّكاةِ أنْ يكونَ القَطعُ لجَميعِ الحُلقومِ -وهي القَصبةُ التي هي مَجرَى النفَسِ- ولجَميعِ الوَدجينِ -وهُمَا عِرقانِ في صَفحتَي العُنقِ يَتصلُ بهمَا أكثَرُ عُروقِ البَدنِ، ويَتصِلانِ بالدِّماغِ-، فلو قطَعَ أحَدَهُما وأبقَى الآخرَ أو بعضَه لم تُؤكلْ.

ولا يُشترطُ قَطعُ المَريءِ الذي يَكونُ مع الحُلقومِ، وهو عِرقٌ أحمَرُ


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «المبسوط» (١٢/ ٢، ٣)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٤١، ٤٢)، و «الهداية» (٤/ ٦٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٥٧، ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>