ويَكرهونَه، ولم يَكرهْه أحمَدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، وهو قَولُ عبدِ العَزيزِ بنِ أبي سَلمةَ في ذَبحِ الإبلِ أو نَحرِ ما يُذبحُ مِنْ طيرٍ أو غيرِه مِنْ غيرِ ضَرورةٍ، وقالَ أشهَبُ: إنْ ذبَحَ بَعيرًا مِنْ غيرِ ضَرورةٍ لم يُؤكلْ، واعتَلَّ أصحابُه بأنَّ النبيَّ ﷺ بيَّنَ وَجهَ الذَّكاةِ فنحَرَ الإبلَ وذبَحَ الغنَمَ والطيرَ، ولا يَجوزُ تَحويلُ شيءٍ مِنْ ذلكَ عن مَوضعِه مع القُدرةِ عليهِ إلا بحُجةٍ واضِحةٍ، وقالَ ابنُ المُنذرِ: لا أعلَمُ أحَدًا حرَّمَ أكْلَ ما نُحرَ ممَّا يُذبحُ أو ذُبحَ ما يُنحرُ، وإنما كَرهَ ذلكَ مالِكٌ ولم يُحرِّمْه، وقد يَكرهُ المرءُ الشيءَ ولا يُحرِّمُه، وحُجةُ الجُمهورِ أنه لمَّا جازَ في البَقرِ والخَيلِ الذبحُ والنَّحرُ، جازَ ذلكَ في كلِّ ما تَجوزُ تَذكيتُه، ألَا تَرى قولَ ابنِ عبَّاسٍ:«الذَّكاةُ جائزةٌ في الحَلقِ واللبَّةِ»، ولم يَخصَّ شَيئًا مِنْ ذلكَ دونَ شيءٍ، فهو عامٌّ في كلِّ ذِي حَلقٍ وكلِّ ذي لبَّةٍ، والناسُ على هذا، ولم يُخالِفْ ذلكَ غيرُ مالِكٍ وحْدَه، وأما قَولُ ابنِ عبَّاسٍ:«إنَّ الذَّكاةَ في الحَلقِ واللَّبةِ» فمَعناهُ أنَّ الذكاةَ لا تَكونُ إلا في هَذينِ المَوضعينِ (١).