للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكرهُ عندَ الحَنفيةِ؛ لأنَّ السُّنةَ في الإبلِ النَّحرُ، وفي غيرِها الذبحُ، ألَا ترَى أنَّ اللهَ تعالَى ذكَرَ في الإبلِ النحرَ وفي البقرِ والغنمِ الذبحَ فقالَ : ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)[الكوثر: ٢]، قيلَ في التأويلَ: أيِ انحَرِ الجَزورَ، وقالَ اللهُ عَزَّ شَأنُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧]، وقالَ تعالَى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)[الصافات: ١٠٧]، والذِّبحُ بمَعنى المَذبوحِ، كالطَّحنِ بمَعنى المَطحونِ، وهو الكَبشُ الذي فَدَى به سيِّدَنا إسماعيلَ، وكذا النبيُّ نحَرَ الإبلَ وذبَحَ البَقرَ والغنَمَ، فدلَّ أنَّ ذلكَ هو السُّنةُ (١).

وهذا قَولُ الجُمهورِ، أنه يَجوزُ نَحرُ ما يُذبحُ وذَبحُ ما يُنحرُ، خِلافًا للمالِكيةِ الذينَ أوجَبُوا النحرَ في الإبلِ خاصَّةً إذا لم تَكنْ ضَرورةٌ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ بطَّال : فأمَّا البَقرُ فالأئمَّةُ مُجمِعونَ على جَوازِ النَّحرِ والذَّبحِ فيها، قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧]، ورَوتْ عَمرةُ عن عائِشةَ أنها قالَت: «دخلَ علينا يَوم النَّحرِ بلَحمٍ، فقيلَ: نحَرَ رَسولُ اللهِ عن أزواجِه البقَرةَ» فجازَ فيها الوَجهانِ …

واختَلفُوا في ذَبحِ ما يُنحرُ مِنْ الإبلِ ونَحرِ ما يُذبحُ مِنْ الغَنمِ، فأجازَ أكثَرُ الفُقهاءِ أيَّ ذلكَ فعَلَ المُذكِّي، قالَ ابنُ المُنذرِ: رُويَ ذلكَ عن عَطاءٍ والزُّهريِّ وقَتادةَ، وقالَ أبو حَنيفةَ والثوريُّ واللَّيثُ والشافِعيُّ نحوَ ذلكَ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٤١).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٦٦)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>