وإنْ مَرضَتْ كانَتِ الأمُّ أحَقَّ بتَمريضِها في بَيتِها، وإنْ مَرضَ أحَدُ الأبوَينِ والوَلدُ عند الآخَرِ لم يُمنعْ مِنْ عِيادتِه وحُضورِه عندَ مَوتِه (١).
وقالَ الحَنابلةُ: إذا بلَغَ سبعَ سِنينَ أو ثَماني سِنينَ وهو مُميِّزٌ وتَنازعَا كَفالتَه خيِّرَ بينَهُما، وأما الجاريةُ فلا تُخيَّرُ وتكونُ عندَ أبيها.
فإنِ اختارَ أباهُ كانَ عندَه ليلًا ونهارًا ليَحفظَه ويُعلِّمَه ويُؤدِّبَه، ولا يُمنعُ مِنْ زِيارةِ أمِّه، ولا هي مِنْ زِيارتِه؛ لِما فيه مِنْ الإغراءِ بالعُقوقِ وقَطيعةِ الرَّحمِ.
وإنِ اختارَ أمَّه كانَ عندَها ليلًا؛ لأنه وَقتُ الانحيازِ إلى المَساكنِ، وعندَ أبيهِ نهارًا؛ ليُؤدِّبَه ويُعلِّمَه لئلَّا يَضيعَ، ولأنَّ النهارَ وقتُ التصرُّفِ في الحَوائجِ وعَملِ الصَّنائعِ.
وأما الأُنثى إذا بلَغَتِ سَبعًا كانَتْ عندَ أبيها وُجوبًا إلى أنْ تَتزوَّجَ؛ لأنه أحفَظُ لها وأحَقُّ بوِلايتِها، ولمُقاربتِها الصَّلاحيةَ للتَّزويجِ، وإنما تُخطَبُ مِنْ أبيها؛ لأنه وَليُّها وأعلَمُ بالكُفءِ، ويَمنعُها الأبُ ومَن يَقومُ مَقامَة مِنْ الانفِرادِ بنَفسِها خَشيةً عليها؛ لأنه لا يُؤمَنُ عليها دُخولُ المُفسدينَ، ولا تُمنعُ الأمُّ مِنْ زِيارتِها، ولا هي مِنْ زِيارةِ أمِّها، إنْ لم يُخَفِ الفَسادُ، وتُمنعُ مِنْ الخَلوةِ بها إنْ خِيفَ أنْ تُفسدَ قلْبَها.
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: إذا كانَتِ الجارِيةُ عندَ الأمِّ أو عندَ الأبِ فإنها تَكونُ عندَه لَيلًا ونهارًا؛ لأنَّ تَأديبَها وتَخريجَها في جَوفِ البيتِ، مِنْ تَعليمِها
(١) «المهذب» (٢/ ١٧١، ١٧٢)، و «البيان» (٢٨٧، ٢٩٠)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٠٤، ٣٠٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٩٧).