للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجارِيةُ إذا كانَتْ بِكرًا فلِأبيها أنْ يَضمَّها إلى نَفسِه بعدَ البُلوغِ وإنْ كَرهَتْ، حتَّى وإنْ كانَتْ مَأمونةً؛ لأنها لم تَختبِرِ الرِّجالَ ولم تَعرفْ حِيلَهم، فيُخافُ عليها الخِداعُ منهُم.

وأما الثيِّبُ فإنْ كانَتْ مَأمونةً لا يُخافُ عليها الفِتنُ فليسَ له أنْ يَضمَّها إلى نَفسِه؛ لأنها اختبَرتِ الرِّجالَ وعَرفَتْ كَيدَهم، فأمِنَ عليها مِنْ الخِداعِ، وقد زالَتْ وِلايتُه بالبلوغِ، فلا حاجَةَ إلى ضَمِّه، وإنْ كانَتْ مَخوفًا عليها فله أنْ يَضمَّها إليه؛ لِما ذكَرْنا في حَقِّ الغُلامِ.

والجَدُّ بمَنزلةِ الأبِ فيهِ، وإنْ لم يكنْ لها أبٌ ولا جدٌّ وكانَ لها أخٌ أو عَمٌّ فلَه أنْ يَضمَّها إذا لم يَكنْ مُفسدًا، أما إذا كانَ مُفسدًا فلا يُمكَّنُ مِنْ ذلكَ، وكذا الحُكمُ في كلِّ عَصبةٍ ذِي رَحمٍ مَحرمٍ منها.

وكذلك البِكرُ إذا طعَنَتْ في السنِّ، فإنْ كانَ لها عَقلٌ ورأيٌ ويُؤمَنُ عليها مِنْ الفَسادِ فليسَ لغَيرِ الأبِ والجَدِّ أنْ يَضمَّها إليه، وإنْ خيفَ عليها ذلكَ فلِلأخِ والعمِّ ونَحوِهما مِنْ العَصباتِ أنْ يَضمَّها إليه إذا لم يَكنْ مُفسدًا، وإنْ لم يَكنْ لها أبٌ ولا جَدٌّ ولا غيرُهما مِنْ العَصبةِ أو كانَ لها عَصبةٌ مُفسِدٌ فلِلقاضي أنْ يَنظرَ في حالِها، فإنْ كانَتْ مَأمونةً خَلَّاها تَنفردُ بالسُّكنى، سَواءٌ كانَتْ بِكرًا أو ثَيبًا، وإلا وضَعَها عندَ امرأةٍ أمينةٍ ثِقةٍ تَقدرُ على الحِفظِ؛ لأنه جُعلَ ناظِرًا للمُسلمينَ (١).


(١) «المبسوط» (٥/ ٢١٢، ٢١٣)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٣٧٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٩، ٥٠)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٧٨)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>