هَواهُ يَميلُ إلى اللَّذةِ الحاضِرةِ مِنْ الفَراغِ والكَسلِ والهَربِ مِنْ الكِتابِ وتعلُّمِ آدابِ النفسِ ومَعالمِ الدِّينِ، فيَختارُ شَرَّ الأبوَينِ وهو الذي يُهملُه ولا يُؤدبُه.
وقد ثبَتَ أنَّ النبيَّ ﷺ قَضَى في ابنةِ حَمزةَ للخالةِ مِنْ غيرِ تَخييرٍ، والأمُّ أحَقُّ به منها، والمَعنى يَعضدُه؛ فإنَّ الابنَ قد أَنِسَ بها، فنَقلُه عنها إضرارٌ به.
وأما حَديثُ أبي هُريرةَ ﵁ الوارِدِ في التَّخييرِ فالمُرادُ منه التَّخييرُ في حقِّ البالغِ؛ لأنها قالَتْ:«نَفَعني وسَقاني مِنْ بئرِ أبي عنَبةَ».
ومعنَى قَولِها:«نَفَعني»، أي: كسَبَ عليَّ، والبالغُ هو الذي يَقدرُ على الكَسبِ، فدَلَّ على أنَّ المُرادَ منه التَّخييرُ في حَقِّ البالغِ، ونَحنُ به نقولُ: إنَّ الصبيَّ إذا بلَغَ يُخيَّرُ.
ولأنه لم يَذكرْ فيه الفِراقَ، فالظاهرُ أنها كانَتْ في صُحبتِه، ألَا تَرى إلى قَولِها:«إنَّ زَوجِي يُريدُ»، ولَولا أنها في صُحبتِه لَمَا قالَتْ ذلكَ.
وليسَ فيه دَليلٌ على أنه يُخيَّرُ في السَّبعِ؛ لأنه ليسَ في الحديثِ ذِكرُ عُمرِه (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ المَرأةَ إذا بانَتْ مِنْ زَوجِها في حالِ الحَياةِ وبينَهُما وَلدٌ وله سَبعُ سِنينَ فما زادَ وهو مُميِّزٌ وتنازَعَ الأبوانِ فيمَن يكونُ
(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٤٣، ٤٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٧٨)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٣٧٣)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٩)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «الاستذكار» (٧/ ٢٩٢).