للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ في مَوضِعٍ آخرَ: ولا يَجوزُ التَّطوُّعُ مُضطَجِعًا لغيرِ عُذرٍ، وهو قولُ جُمهورِ العُلماءِ (١). وقالَ: وقد طَرَدَ ذلك طائِفةٌ من أصحابِ أحمدَ وغيرِه، وجَوَّزُوا التَّطوُّعَ مُضطَجِعًا لِمَنْ هو صَحيحٌ، وهو قَولٌ مُحدَثٌ بِدعةٌ (٢).

وقالَ الإمامُ الخطَّابيُّ : لا أحفَظُ عن أحدٍ من أهلِ العِلمِ أنَّه رَخَّصَ في صَلاةِ التَّطوُّعِ نائِمًا كما رَخَّصوا فيها قاعِدًا، فإن صحَّت هذه اللَّفظَةُ عن النَّبيِّ ولم تكُن من بعضِ الرُّواةِ مُدرَجةً في الحَديثِ قِياسًا على صَلاةِ القاعِدِ، أو اعتِبارًا بصَلاةِ المَريضِ مُضطَجِعًا؛ قالَ: ولا أعلَمُ أنِّي سَمِعتُ نائِمًا إلا في هذا الحَديثِ (٣).

وقالَ ابنُ بطَّالٍ : وأمَّا قولُه: «مَنْ صلَّى نَائِمًا فلَه نِصفُ أَجرِ القاعِدِ»؛ فلا يَصحُّ مَعناهُ عندَ العُلماءِ؛ لأنَّهم مُجمِعُونَ أنَّ النَّافِلةَ لا يُصلِّيهَا القادِرُ على القِيامِ إيماءً (٤).

وقالَ ابنُ القَيِّمِ : «مَنْ صلَّى نَائِمًا فلَه نِصفُ أَجرِ القاعِدِ»؛ فهذا إنَّما هو في المَعذورِ، وإلا فغيرُ المَعذُورِ ليس له من الأجرِ شَيءٌ إذا كانَتِ الصَّلاةُ فَرضًا، وإن كانَت نَفلًا لم يَجُز له التَّطوُّعُ على جَنبٍ؛ فإنَّه لم يَفعلهُ رَسولُ اللهِ يَومًا من الدَّهرِ، ولا أحَدٌ من الصَّحابةِ أَلبتَّةَ، مع


(١) «مجموع الفتاوى» (٤/ ٤٢٨).
(٢) «مُختصَر الفتاوى المصرية» (١/ ٥٨)، و «شرح الزركشي» (١/ ٢٣٠).
(٣) «معالم السُّنَن» (١/ ٢٢٥)، ويُنظر: «النهاية» لابن الأثير (٥/ ١٢٩)، و «فتح الباري» (٢/ ٥٨٥)، و «نيل الأوطار» (٣/ ١٠٠).
(٤) «شرح ابن بطَّال» (٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>