للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابلةُ إلى وُجوبِ نَفقةِ الحَواشِي على تَفصيلٍ عندَهُم.

قالَ الحَنفيةُ: يَجبُ على المُوسرِ نَفقةُ كلِّ ذِي رَحمٍ مَحرَمٍ منه، وهو مَنْ لا يَحلُّ مُناكَحتُه على التأبيدِ مثلَ الإخوةِ والأخَواتِ وأولادِهِما والأعمَامِ والعمَّاتِ والأخوالِ والخالاتِ، فلا نَفقةَ لذِي رَحمٍ مَحرَمٍ مثلَ أولادِهِم، ولا نَفقةَ لمَحرمٍ غيرِ ذِي رَحمٍ كزَوجاتِ الآباءِ والبَنينَ والأصهارِ وآباءِ الأمَّهاتِ والإخوةِ والأخَواتِ مِنْ الرَّضاعةِ وأولادِهِم، ولا بُدَّ أنْ يَكونَ المَحرميةُ بجَهةِ القَرابةِ؛ لأنه لو كانَ قَريبًا محرمًا لا مِنْ جِهتِها كابنِ عَمٍّ إذا كانَ أخًا مِنْ الرَّضاعِ فإنه لا نَفقةَ له.

لقِراءةِ ابنِ مَسعودٍ : ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾، وقِراءتُه مَشهورةٌ مَحمولةٌ على السَّماعِ مِنْ النبيِّ ، فيُقيَّدُ به مُطلَقُ النَصِّ إنْ كانَ ذو الرَّحمِ فَقيرًا صَغيرًا مُطلَقًا، أو أُنثى بالِغةً، فَقيرةً أو فَقيرًا، ذكَرًا بالِغًا مَجنونًا أو زَمِنًا أو أعمَى أو لا يُحسِنُ الكَسبَ، أو لكَونِه مِنْ ذَوِي البُيوتاتِ، كِنايةً عن كَونِه شَريفًا عَظيمًا، أي لكَونِه مِنْ أعيانِ النَّاسِ يَلحقُه العارُ بالكَسبِ، أو لكَونِه طالِبَ عِلمٍ لا يَقدرُ على الكَسبِ لاشتِغالِه بالعِلمِ، وهذا إذا كانَ به رُشدٌ.

ويُجبَرُ المُوسرُ على النَّفقةِ لإيفاءِ حَقٍّ مُستحَقٍّ عليهِ، وتُقدَّرُ النَّفقةُ بقَدرِ الإرثِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، فجعَلَ العلَّةَ هي الإرثَ، فيُقدَّرُ الوُجوبُ بقَدرِ العلَّةِ، حتى لو كانَ للصَّغيرِ مَثلًا أخَواتٌ مُتفرِّقاتٌ مُوسِراتٌ فنَفقتُه عليهِنَّ أخماسًا كما يَرثْنَ منه أخماسًا، ثَلاثةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>