والمُستقبَلةُ لم تَجبْ فتَستحقَّ بها الفَسخَ، فلَم يَبْقَ سَببٌ يُستحَقُّ به الفَسخُ.
قالَ الحَنفيةُ: فيَقولُ لها القاضي: «اشتَرِي الطعامَ والكِسوةَ وكُلِي والْبَسِي لتَرجِعي بثَمنِها على الزَّوجِ»، وهذا مَعنَى الاستِدانةِ، لا أنْ يَقولَ:«استَقرِضي على الزوجِ»؛ لأنَّ التوكيلَ بالاستِقراضِ لا يَصحُّ.
وفائِدةُ الإذنِ في الاستِدانةِ أنها تُحِيلُ الغَريمَ على الزوجِ فيُطالِبُه بالدَّينِ وإنْ لم يَرْضَ الزوجُ، وإنِ استَدانتْ بغَيرِ إذنِه كانَتِ المُطالَبةُ عليها خاصَّةً، وإنِ استَدانَتْ قبلَ أنْ يَأمرَها الحاكمُ فهي مُتطوِّعةٌ، ولا شيءَ مِنْ ذلكَ على الزوجِ إذا كانَتِ النَّفقةُ لم تُفرَضْ لها عليهِ قبلَ ذلكَ، أما إذا كانَتْ قد فُرضَتْ لم تَكنْ مُتطوِّعةً، بل يَكونُ دَينًا على الزَّوجِ.
وفائِدتُه أيضًا الرُّجوعُ بعدَ مَوتِ أحَدِهما (١).
وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابلةُ إلى أنَّ الزوجَ إذا أعسَرَ بالنَّفقةِ أو الكِسوةِ أو المَسكنِ فإنَّ المَرأةَ مُخيَّرةٌ بينَ المُقامِ معَه على إعسارِه لتَكونَ النَّفقةُ دَينًا لها عليهِ تَرجعُ بها إذا أيسَرَ، وبينَ فَسخِ نِكاحِه عندَ الحاكِمِ.
(١) «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٥، ٥٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٦١)، و «الاختيار» (٤/ ٦)، و «اللباب» (٢/ ١٨٦)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٥٤، ٤٥٥)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٦٦، ٢٦٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٧٥)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٠٩)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٤٦)، و «الديباج» (٣/ ٦٣٥).