الزَّوجُ، فكانَتِ المَرأةُ مَأمورةً بالإنظارِ بالنَّصِّ، وقولُه تعالَى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧)﴾ [الطلاق: ٧] دَليلٌ على أنَّ مَنْ لم يَقدرْ على النَّفقةِ لا يُكلَّفُ بالإنفاقِ، فلا يَجبُ عليهِ الإنفاقُ في هذهِ الحالَةِ، ولأنَّ في التَّفريقِ إبطالَ المِلكِ على الزوجِ، وفي الأمرِ بالاستِدانةِ تَأخيرَ حَقِّها دَينًا عليهِ، وهو أهوَنُ مِنْ الإبطالِ، فكانَ أَولى.
وقولُه تعالَى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٢]، فندَبَ الفُقراءَ إلى النكاحِ، فلَم يَصحَّ أنْ يَندُبَ إليه مَنْ يُستحَقُّ عليه فَسخُه، ولأنَّ الصَّداقَ بعدَ الدُّخولِ أوكَدُ؛ لتَقدُّمِه وقوَّتِه، ثمَّ لم تَستحقَّ به الفسخَ، فلَأنْ لا تَستحقَّ الفَسخَ بالنَّفقةِ التي هي أضعَفُ أَولى.
وتَحريرُه: أنه مالٌ وجَبَ بحَقِّ الزَّوجيةِ، فوجَبَ أنْ لا تَملكَ به الفَسخَ كالصَّداقِ، ولأنَّ مُدَّ اليَسارِ إذا أعسَرَ به المُوسرُ لم يُوجِبِ الخيارَ، كذلكَ مُدُّ المُعسرِ إذا أعسَرَ به لم تَستحقَّ به الخِيارَ، ولأنها تَستحقُّ النَّفقةَ لنَفسِها ولخادِمِها، ثمَّ ثبَتَ أنه لا خِيارَ لها في الإعسارِ بنَفقةِ خادِمِها، فكَذلكَ لا خِيارَ لها في الإعسارِ بنَفقةِ نَفسِها، ولأنَّ النَّفقةَ في مُقابلةِ التَّمكينِ، ثم أنه لو أعوَزَ التَّمكينُ منها بالنُّشوزِ لم يَستحقَّ الزوجُ به خِيارَ الفَسخِ، كذلك إذا أعوَزَتِ النَّفقةُ مِنْ جِهتِه بالإعسارِ لم تَستحقَّ الزَّوجةُ به خِيارَ الفَسخِ، ولأنَّ للنَّفقةِ حالتَينِ: ماضِيةٌ ومُستقبَلةٌ، والماضِيةُ دَينٌ لا تَستحقُّ به الفسخَ،