للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو فرَضَ القاضِي لها النَّفقةَ على الزوجِ وأنفَقَتْ مِنْ مالِها فلها الرُّجوعُ في مالِ الزوجِ ما داما حَيَّينِ، وتَسقطُ بمَوتِ أحَدِهما، إلَّا أنْ يَكونَ ما أنفَقَتْه دَينًا بأمرِ القاضي فإنهُ لا يَسقطُ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الزوجَ إذا لم يُنفِقْ على زَوجتِه وأنفقَتْ على نفسِها مِنْ مالِها أو استَدانَتْ لم تَسقطِ النَّفقةُ بذلكَ وكانَتْ هذهِ النَّفقةُ دَينًا في ذمَّتِه، سَواءٌ كانَ ترَكَ الإنفاقَ عليها لعُذرٍ أو لغيرِ عُذرٍ، سَواءٌ حكَمَ بها حاكِمٌ أو لم يَحكمْ بها، وسَواءٌ كانَ حاضِرًا أم غائبًا.

لِما رواهُ نافِعٌ عن ابنِ عُمرَ «أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ كتَبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ في رِجالٍ غابُوا عن نِسائِهم يَأمرُهم أنْ يَأخذُوهُم أنْ يُنفِقُوا أو يُطلِّقُوا، فإنْ طلَّقُوا بَعَثوا بنَفقةِ ما حَبَسوا» (٢)، ولم يُخالِفْ عُمرَ في ذلكَ مِنهم مِخالفٌ.

ولأنها حَقٌّ يَجبُ معَ اليَسارِ والإعسارِ، فلَم يَسقطْ بمُضيِّ الزمانِ كأجرةِ العَقارِ والدُّيونِ.

قالَ ابنُ المُنذِرِ : هذهِ نَفقةٌ وَجبَتْ بالكِتابِ والسُّنةِ والإجماعِ، ولا يَزولُ ما وجَبَ بهذه الحُججِ إلا بمِثلِها، ولأنها عِوضٌ واجِبٌ، فأشبَهَتِ الأجرةَ.


(١) «الجوهرة النيرة» (٥/ ٦٣، ٦٤)، و «الاختيار» (٤/ ٦، ٧)، و «اللباب» (٢/ ١٧٠)، و «المغني» (٨/ ١٦٦)، و «زاد المعاد» (٥/ ٥٠٨)، و «المبدع» (٨/ ١٩٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الشافعي في «مسنده» (١/ ٢٦٧)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١٢٣٤٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٥٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>