للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ بذَلَتِ الزوجةُ نفْسَها أو بذَلَ وَليُّها تَسليمَ نفسِها والزوجُ غائِبٌ لم يُفرضْ لها النَّفقةُ حتى يُراسِلَه حاكمُ الشرعِ؛ لأنها بذَلَتْ في حالٍ لا يُمكنُه التسلُّمُ فيهِ، فيَكتبُ القاضي إلى حاكِمِ البَلدِ الذي هو فيه ليَستدعيَه ويُعلِمَه ذلكَ، فإنْ سارَ الزوجُ إليها أو وكَّلَ مَنْ يَتسلمُها له ممَّن يَحلُّ له ذلكَ كمَحرمِها فوصَلَ فتَسلمَها الزوجُ أو نائبُه وجَبَتِ النَّفقةُ حِينئذٍ؛ لأنَّ البذلَ قبلَ ذلكَ وُجودُه كعَدمِه.

فإنْ لم يَفعلْ فرَضَ الحاكمُ عليه نَفقتَها مِنْ الوقتِ الذي كانَ يُمكنُ الوصولُ إليها وتَسلُّمُها؛ لأنه امتَنعَ مِنْ تَسلُّمِها مع إمكانِه وبذلِها له، فلَزمَتْه نَفقتُها كما لو كانَ حاضِرًا.

وإنْ غابَ الزوجُ بعدَ تَمكينِها مِنْ نَفسِها فالنَّفقةُ واجِبةٌ عليه في غَيبتِه، سَواءٌ سلَّمَها أو لا؛ إذ المانِعُ منهُ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في القَديمِ -وحُكيَ جَديدًا أيضًا- إلى أنَّ النَّفقةَ تَجبُ بالعَقدِ كالمَهرِ، ولا تَتوقفُ على التَّمكينِ؛ بدَليلِ وُجوبِها للمَريضةِ والرَّتقاءِ، لكنْ لو نشَزَتْ سقَطَتْ، فالعَقدُ مُوجِبٌ، والنُّشوزُ مُسقِطٌ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٤٧١)، و «المبدع» (٨/ ٢٠٠، ٢٠١)، و «الإنصاف» (٩/ ٣٧٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٥٣، ٥٥٥).
(٢) «البيان» (١١/ ١٩٠، ١٩١)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٦١)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٥٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٦٤، ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>