مُساكنتُه وتَمكينُه مِنْ وَطئِها، وعليها أنْ تَفِرَّ منه وتَفتديَ نفسَها بما أمكَنَها؛ لأنَّ وطْأَه لها زنًا، فعَليها التخلُّصُ منه مَهمَا أمكَنَها، كما قُلنا في التي عَلِمتْ أنَّ زوْجَها طلَّقَها ثَلاثًا وجحَدَها ذلكَ، ويَنبغي أنْ يكونَ الواجِبُ لها مِنْ المَهرِ بعدَ الدُّخولِ أقلَّ الأمرَينِ مِنْ المُسمَّى أو مَهرِ المثلِ؛ لأنه إنْ كانَ المُسمَّى أقلَّ فلا يُقبلُ قَولُها في وُجوبِ زائدٍ عليه، وإنْ كانَ الأقلُّ مهرَ المِثلِ لم تَستحقَّ أكثَرَ منه؛ لاعتِرافِها بأنَّ استِحقاقِها له بوَطئِها لا بالعَقدِ، فلا تَستحقُّ أكثَرَ منه، وإنْ كانَ إقرارُها لم يُصادِفْ زَوجيةً عليها يُبطلُها فقُبِلَ إقرارُها على نَفسِها بتَحريمِه عليه، وكذلكَ لو أقَرَّ الرَّجلُ أنَّ هذه أختُه مِنْ الرَّضاعِ أو مُحرَّمةٌ عليه برَضاعٍ أو غيرِه وأمكَنَ صدقُه لم يَحلُّ له تَزويجُها فيما بعدَ ذلكَ في ظاهِرِ الحُكمِ، وأما فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى فيَنبني على عِلمِه بحَقيقةِ الحالِ على ما ذكَرْناهُ (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ الزَّوجةَ إذا ادَّعتِ الرضاعَ فأنكَرَ الزوجُ ذلكَ صُدقَ الزَّوجُ بيَمينِه إنْ كانَتْ زُوِّجتْ برِضاها ممَّن عرَفَتْه بعَينِه بأنْ عيَّنتْه في إذنِها أو عُيِّنَ لها فسكَتَتْ حيثُ يكفِي سُكوتُها؛ لتَضمُّنِ رِضاها به، وإنْ حلَفَ الزوجُ على نَفيِ الرضاعِ استَمرَّتِ الزَّوجيةُ ظاهِرًا، وعليها مَنعُ نفسِها منه ما أمكَنَ إنْ كانَتْ صادِقةً.
(١) «المغني» (٨/ ١٥٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٥٨)، و «المبدع» (٨/ ١٨١)، و «الإنصاف» (٩/ ٣٤٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٣٥، ٥٣٦)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٠٤).