للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ : ولا نَعلمُ أحَدًا مِنْ الفُقهاءِ قالَ برَضاعِ الكَبيرِ، إلا شَيءٌ يُروَى عن اللَّيثِ بنِ سَعدٍ يَرويهِ عنه أبو صالحٍ أنَّ رَضاعَ الكَبيرِ يُحرِّمُ، وهو قَولٌ شاذٌّ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : اتَّفقَ أئمَّةُ الأمصارِ على أنَّ رَضاعَ الكَبيرِ لا يُحرِّمُ، وشَذَّ الليثُ وأهلُ الظاهرِ عن الجَماعةِ وقالُوا: إنه يُحرِّمُ، وذَهَبوا إلى قَولِ عائشةَ في رَضاعةِ سالمٍ مَولى أبي حُذيفةَ (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : وذهَبَ أكثَرُ الفُقهاءِ إلى أنَّ رَضاعَ الكَبيرِ لا يُحرِّمُ، وقالَتْ عائشةُ: «رَضاعُ الكَبيرِ يُحرِّمُ كرَضاعِ الصَّغيرِ»، وبه قالَ مِنْ الفُقهاءِ الأوزاعيُّ، ويُشبهُ أنْ يكونَ قولَ أهلِ الظاهِرِ (٣).

وذهَبَ عَطاءٌ واللَّيثُ والأوزاعيُّ وعائِشةُ أمُّ المُؤمنينَ ، وإليه مالَ ابنُ تَيميةَ وابنُ القيِّمِ، وهو مَذهبُ ابنِ حَزمٍ وأهلِ الظاهِرِ إلى أنَّ إرضاعَ الكَبيرِ يُحرِّمُ.

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : ذهَبَ الليثُ إلى أنَّ رَضاعةَ الكَبيرِ تُحرِّمُ كما تُحرِّمُ رَضاعةُ الصغيرِ، وهو قَولُ عطاءٍ، ورُويَ عن عليٍّ ولا يَصحُّ عنه، والصحيحُ عنه أنْ لا رَضاعَ بعدَ فِطامٍ، وكانَ أبو مُوسَى الأشعَريُّ يُفتي به ثم انصَرفَ عنه إلى قولِ ابنِ مَسعودٍ.


(١) «أحكام القرآن» (٢/ ١١٤).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ١٩٧).
(٣) «الحاوي الكبير» (١١/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>