المَشوبُ: المُختلطُ بغيرِه، والمَحضُ: الخالصُ الذي لا يُخالطُه سِواهٌ، وسَوَّى الخِرقيُّ بينَهُما، سواءٌ شِيبَ بطعامٍ أو شرابٍ أو غيرِه، وبهذا قالَ الشافِعيُّ، وقالَ أبو بَكرٍ: قَياسُ قولِ أحمَدَ أنه لا يُحرِّمُ؛ لأنه وَجورٌ، وحُكيَ عن ابنِ حامدٍ أنه قالَ: إنْ كانَ الغالِبُ اللبنَ حَرَّمَ وإلا فلا، وهو قولُ أبي ثَورٍ والمُزنِيِّ؛ لأنَّ الحُكمَ للأغلَبِ، ولأنه يَزولُ بذلكَ الاسمُ والمعنَى المُرادُ به، ونحوُ هذا قولُ أصحابِ الرأيِ، وزادُوا فقالُوا: إنْ كانَتِ النارُ قد مسَّتِ اللبنَ حتى أنضَجَتِ الطعامَ أو حتى تغيَّرَ فليسَ برَضاعٍ.
ووَجهُ الأولِ أنَّ اللبنَ متى كانَ طاهِرًا فقدْ حصَلَ شُربُه ويَحصلُ منه إنباتُ اللَّحمِ وإنشازُ العَظمِ، فحَرَّمَ كما لو كانَ غالبًا، وهذا فيما إذا كانَتْ صِفاتُ اللبنِ باقيةً، فأما إنْ صُبَّ في ماءٍ كثيرٍ لم يَتغيرْ به لم يَثبتْ به التَّحريمُ؛ لأنَّ هذا ليسَ بلَبنٍ مَشوبٍ ولا يَحصلُ به التغذِّي ولا إنباتُ اللحمِ ولا إنشازُ العَظمِ.
وحُكيَ عن القاضي أنَّ التحريمَ يَثبتُ به، وهو قَولُ الشافِعيِّ؛ لأنَّ أجزاءَ اللبنِ حصَلَتْ في بَطنِه، فأشبَهَ ما لو كانَ لونُه ظاهرًا.
(١) «النجم الوهاج» (٨/ ٢٠١، ٢٠٢)، و «كنز الراغبين» (٤/ ١٥٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٣٢، ١٣٣)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ١١١، ١١٢).