للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَرَ ابنُ المُنذِرِ قالَ: رخَّصَ في الكُحلِ عندَ الضَّرورةِ عَطاءٌ والنخَعيُّ، وهو قَولُ مالكٍ والكُوفيينَ، قالُوا: لا بأسَ بالكُحلِ الأسوَدِ وغيرِه إذا اشتَكتْ عينَها (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : قَولُه: «أفنَكحُلُها؟ فقالَ: لا» هو بضَمِّ الحاءِ، وفي هذا الحَديثِ وحَديثِ أمِّ عَطيةَ المَذكورِ بعدَه في قولِه : «لا تَكتحلُ» دَليلٌ على تَحريمِ الاكتِحالِ على الحادَّةِ، سَواءٌ احتاجَتْ إليه أم لا، وجاءَ في الحَديثِ الآخَرِ في «المُوطَّأ» وغيرِه في حَديثِ أمِّ سَلمةَ: «اجعَليهِ باللَّيلِ وامسَحيهِ بالنَّهارِ»، ووَجهُ الجَمعِ بينَ الأحاديثِ أنها إذا لم تَحتَجْ إليه لا يَحلُّ لها، وإنِ احتاجَتْ لم يَجزْ بالنهارِ ويَجوزُ باللَّيلِ، مع أنَّ الأَولى تَركُه، فإنْ فعَلَتْه مَسحتْه بالنهارِ، فحَديثُ الإذنِ فيه لبَيانِ أنه بالليلِ للحاجَةِ غيرُ حَرامٍ، وحَديثُ النهيِ مَحمولٌ على عَدمِ الحاجةِ، وحَديثُ التي اشتَكتْ عينَها فنَهاها مَحمولٌ على أنه نهيُ تَنزيهٍ، وتأوَّلَه بعضُهم على أنه لم يَتحقَّقِ الخوفُ على عينِها، وقد اختَلفَ العُلماءُ في اكتِحالِ المُحِدةِ، فقالَ سالمُ بنُ عبدِ اللهِ وسُليمانُ بنُ يَسارٍ ومالِكٌ في رِوايةٍ عنه: يَجوزُ إذا خافَتْ على عينِها بكُحلٍ لا طِيبَ فيه، وجوَّزَه بعضُهم عندَ الحاجةِ وإنْ كانَ فيه طِيبٌ، ومَذهبُنا جَوازُه ليلًا عندَ الحاجةِ بما لا طِيبَ فيه (٢).


(١) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٥١٠، ٥١١).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>