منها، وبهِ قالَ الشافِعيُّ؛ إذ كانَ السُّجودُ كُلُّه عندَهُ قبلَ السَّلامِ، وقد رُويَ عن مالِكٍ أنَّه لا يَتشهَّدُ لِلَّتي قبلَ السَّلامِ، وبهِ قالَ جَماعةٌ.
قالَ أبو عمرَ: أمَّا السَّلامُ مِنْ التي بعدَ السَّلامِ فثَابِتٌ عن النَّبيِّ ﷺ، وأمَّا التشهُّدُ فلا أحفَظُهُ مِنْ وَجهٍ ثابِتٍ.
وسَببُ هذا الاختِلافِ هو اختِلافُهم في تَصحيحِ ما وردَ مِنْ ذلك في حَديثِ ابنِ مَسعودٍ -أعنِي: مِنْ «أنَّه ﵊ تَشهَّدَ ثمّ سلَّم»، وفي تَشبيهِ سَجدَتَيِ السَّهوِ بالسَّجدتَينِ الأخيرَتَينِ مِنْ الصَّلاةِ؛ فمَن شَبَّهَهما بهما لم يُوجِب لها التشهُّدَ، وبخاصَّةٍ إذا كانَت في الصَّلاةِ نَفسِها.
وقالَ أبو بَكرِ بنُ المُنذرِ: اختَلفَ العُلماءُ في هذه المَسألةِ على سِتَّةِ أقوالٍ:
فقالَت طائِفةٌ: لا تَشهُّدَ فيها، ولا تَسليمَ، وبهِ قالَ أنَسُ بنُ مالِكٍ والحَسنُ وعَطاءٌ.
وقالَ قَومٌ مُقابِلَ هذا، وهوَ أنَّ فيها تَشهُّدًا وتَسليمًا.