للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ القرطُبيُّ : ففي هذا الحَديثِ دَليلٌ لمالِكٍ والشافِعيِّ وابنِ حَنبلٍ والليثِ على قَولِهم: إنَّ المُعتدةَ تَخرجُ بالنهارِ في حَوائجِها، وإنما تَلزمُ مَنزلَها بالليلِ، وسَواءٌ عندَ مالكٍ كانتْ رَجعيةً أو بائنةً، وقالَ الشافِعيُّ في الرَّجعيةِ: لا تَخرجُ لَيلًا ولا نهارًا، وإنما تَخرجُ نَهارًا المَبتوتةُ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : هذا الحَديثُ دَليلٌ لخُروجِ المُعتدةِ البائنِ للحاجَةِ، ومَذهبُ مالِكٍ والثَّوريِّ والليثِ والشافِعيِّ وأحمَدَ وآخَرينَ جَوازُ خُروجِها في النهارِ للحاجةِ، وكذلكَ عندَ هَؤلاءِ يَجوزُ لها الخُروجُ في عدَّةِ الوَفاةِ، ووافَقَهُم أبو حَنيفةَ في عدَّةِ الوفاةِ، وقالَ في البائنِ: لا تَخرجُ لَيلًا ولا نَهارًا (٢).

وقالَ القاضِي عِياضٌ : فيهِ -أي هذا الحَدِيث- حُجةٌ لمالِكٍ واللَّيثِ في جَوازِ خُروجِ المُعتدةِ نَهارًا، وإنما يَلزمُها لُزومُ مَنزلِها بالليلِ، وسَواءٌ عندَ مالِكٍ الرَّجعيةُ والمَبتوتةُ، وقد احتَجَّ أبو داودَ بهذا الحَديثِ على خُروجِها نَهارًا كقَولِنا، ووَجهُ دَلالتِه أنَّ الجُذاذَ إنما يَكونُ نَهارًا عُرفًا وشَرعًا؛ لأنه نهَى عن جُذاذِ اللَّيلِ، ولأنَّ نَخلَ الأنصارِ ليسَتْ مِنْ البَعيدِ بحَيثُ يُحتاجُ إلى المَبيتِ فيها إذا خرَجَتْ نَهارًا (٣).


(١) «تفسير القرطبي» (١٨/ ١٥٤).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ١٠٨).
(٣) «شرح الزرقاني» (٣/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>