للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١]، والبَيتُ المُضافُ إليها هو الذي تَسكنُه، ولهذا قالَ أصحابُنا: إنها إذا زارَتْ أهلَها فطلَّقَها زوجُها كانَ عليها أنْ تَعودَ إلى مَنزلِها الذي كانَتْ تَسكنُ فيه فتَعتدَّ ثمَّةَ؛ لأنَّ ذلكَ هو المَوضعُ الذي يُضافُ إليها وإنْ كانَتْ هيَ في غيرِه، وهذا في حالةِ الاختيارِ.

وأما في حالةِ الضَّرورةِ فإنِ اضطرَّتْ إلى الخُروجِ مِنْ بَيتِها بأنْ خافَتْ سُقوطَ مَنزلِها أو خافَتْ على مَتاعِها … فلا بأسَ عندَ ذلكَ أنْ تَنتقلَ (١).

ومَذهبُ الشافِعيةِ قَريبٌ مِنْ مَذهبِ الحَنفيةِ إذا كانَ الطلاقُ رَجعيًّا؛ إلا أنهُم قالُوا: لا يَجوزُ لها الخروجُ إلا بإذنِه أو ضَرورةً؛ لأنَّ كِفايتَها واجِبةٌ عليه (٢).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يَجوزُ للمُعتدةِ البائنِ (وكذا الرَّجعيةِ عندَ المالِكيةِ والحَنابلةِ) الخُروجُ نَهارًا لحاجَتِها كشِراءِ طَعامٍ وبَيعٍ غَزلٍ ونَحوِه؛ لِما رواهُ مُسلمٌ عن أبي الزُّبيرِ أنه سَمِعَ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ: طُلِّقتْ خالَتي فأرادَتْ أنْ تَجدَّ نخْلَها، فزجَرَها رَجلٌ أنْ تَخرجَ، فأتَتِ النبيَّ فقالَ: «بلَى، فجُدِّي نخلَكِ، فإنكِ عَسى أنْ تَصدَّقي أو تَفعلي مَعروفًا» (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٠٥)، ويُنظَر: «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢٤٩)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٣٤٣)، و «الاختيار» (٣/ ٢١٧، ٢١٨)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٦)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣١)، و «اللباب» (٢/ ١٥٢)، و «العناية» (٦/ ١٤٥).
(٢) «مغني المحتاج» (٥/ ١١٣).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>