للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ مالِكٌ: لا يَخلُو معَها ولا يَدخلُ عليها إلا بإذنِها، ولا يَنظرُ إلى شَعرِها، ولا بأسَ أنْ يَأكلَ معَها إذا كانَ معَهُما غيرُهما.

وحكَى ابنُ القاسِمِ أنه رجَعَ عن إباحةِ الأكلِ معَها.

وقالَ أبو حَنيفةَ: لا بأسَ أنْ تَتزيَّنَ الرَّجعيةُ لزَوجِها وتَتطيَّبَ له وتَتشوَّفَ وتُبدِي الَبنانَ والكُحلَ، وبه قالَ الثوريُّ وأبو يُوسفَ والأوزاعيُّ، وكلُّهم قالُوا: لا يَدخلُ عليها إلا أنْ تَعلمَ بدُخولِه بقَولٍ أو حَركةٍ مِنْ تَنحنُحٍ أو خَفقِ نَعلٍ (١).

إلا أنَّ الشافِعيةَ قالُوا: إنْ كانَتْ في طَلاقٍ رَجعيٍّ فمَوضعُها غيرُ مُتعيِّنٍ، وهو إلى خِيارِ الزَّوجِ في إسكانِها حيثُ شاءَ مِنْ المَواضعِ المَأمونةِ؛ لأنه سُكنَى زَوجيةٍ يستَحقُّ معَ النَّفقةِ، فأشبَهَتْ حالَها قبلَ الطَّلاقِ وقد كانَ مُخيَّرًا في نَقلِها، كذلكَ بعدَه، وتكونُ هذهِ السُّكنى مِنْ حُقوقِ الآدميِّينَ (٢).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : فإنْ كانَ الطلاقُ رَجعيًّا .. وجَبَ عليهِ نَفقتُها وإسكانُها حيثُ يَختارُ؛ لأنها في مَعانِي الزَّوجاتِ؛ بدَليلِ أنه يَلحقُها طَلاقُه وظِهارُه وإيلاؤُه ويَتوارثانِ، فكانَتْ في مَعاني الزَّوجاتِ في النَّفقةِ والسُّكنى، ولأنَّ النَّفقةَ والسُّكنى يَجِبانِ في مُقابلةِ الاستمتاعِ، والزَّوجُ مُتمكِّنٌ مِنْ الاستمتاعِ بها متَى شاءَ بعدَ الرَّجعةِ، وإنما حرمَتْ عليه لعارِضٍ، فهوَ كما لو أحرَمَ أو أحرَمَتْ، قالَ أصحابُنا: وهو إجماعٌ أيضًا (٣).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٦٤).
(٢) «الحاوي الكبير» (١١/ ٢٤٨، ٢٤٩).
(٣) «البيان» (١١/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>