للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاطِمةَ هذا في كَثيرٍ مِنْ الأحكامِ، مثلَ سُقوطِ نَفقةِ المَبتوتةِ إذا لم تَكنْ حامِلًا، ونَظرِ المَرأةِ إلى الرِّجالِ، وخِطبةِ الرَّجلِ على خِطبةِ أخيه إذا لم تَكنْ سكَنَتْ إلى الأولِ.

وأما تَأويلُ مَنْ تأوَّلَ حَديثَها فليسَ بشَيءٍ؛ فإنها تُخالِفُهم في ذلكَ وهي أعلَمُ بحالِها، ولم يَتفِقِ المُتأوِّلونَ على شَيءٍ، وقد رُدَّ على مَنْ رَدَّ عليها، فقالَ مَيمونُ بنُ مَهرانَ لسَعيدِ بنِ المُسيبِ قالَ: تلكَ امرأةٌ فتَنَتِ الناسَ، لَئِنْ كانَتْ إنما أخَذَتْ بما أفتاها رَسولُ اللهِ ما فتَنَتِ الناسَ، وإنَّ لنا في رَسولِ اللهِ أُسوةٌ حَسنةٌ، مع أنها أحرَمُ الناسِ عليهِ ليسَ له عليها رَجعةٌ ولا بينَهُما ميراثٌ، وقولُ عائِشةَ: «إنها كانَتْ في مَكانٍ وَحِشٍ» لا يَصحُّ؛ فإنَّ النبيَّ علَّلَ بغيرِ ذلكَ فقالَ: «يا ابنةَ آلِ قَيسٍ إنما السُّكنَى والنَّفقةُ ما كانَ لزَوجِكِ عليكِ الرَّجعةُ» هكذا رَواهُ الحُميديُّ والأثرَمُ.

ولأنه لو صَحَّ ما قالَتْه عائِشةُ أو غيرُها مِنْ التأويلِ ما احتاجَ عُمرُ في رَدِّه إلى أنْ يَعتذرَ بأنه قَولُ امرأةٍ، ثم فاطِمةُ صاحبةُ القِصةِ وهي أعرَفُ بنَفسِها وبحالِها، وقد أنكَرَتْ على مَنْ أنكَرَ عليها، ورَدَّتْ على مَنْ رَدَّ خبَرَها أو تأوَّلَه بخِلافِ ظاهِرِه، فيَجبُ تَقديمُ قولِها؛ لمَعرفتِها بنَفسِها ومُوافقتِها ظاهِرَ الخبَرِ كما في سائرِ ما هذا سَبيلُه (١).


(١) «المغني» (٨/ ١٣٢، ١٣٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٦٧، ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>