واستَدلُّوا أيضًا بأنَّ اللهَ تعالَى أمَرَ بالاعتِدادِ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا دُونَ تَعرُّضٍ لذِكرِ مكانٍ مُعيَّنٍ، فدَلَّ على عَدمِ اشتِراطِه.
واستَدلُّوا أيضًا بما رَواهُ الدارَقطنيُّ بسَندِه إلى عليِّ بنِ أبي طالِبٍ ﵁:«أنَّ النبيَّ ﷺ أمَرَ المُتوفَّى عنها زَوجُها أنْ تَعتدَّ حيثُ شاءَتْ»(١).
وقالُوا أيضًا: إنَّ كَثيرًا مِنْ الصَّحابةِ ﵃ قُتلَ مع النبيِّ في الجِهادِ، ولم يُعلَمْ أنه ألزَمَ نِساءَهم بالبقاءِ في بُيوتِ أزواجِهنَّ مُدةَ العدَّةِ، ولو حصَلَ ذلك لَكانَ مِنْ أظهَرِ الأشياءِ وأبيَنِها، ولَمَا خَفيَ على عائِشةَ وابنِ عبَّاسٍ ﵄ وغيرِهما مِنْ الصَّحابةِ، ولو كانَتْ السُّنةُ جاريةً بذلكَ لم تأتِي فُريعةُ بالاستِئذانِ، ولَمَا أَذِنَ لها ثم رَدَّها ومنَعَها مِنْ ذلكَ؛ لأنَّ هذا يُفضِي إلى تَغييرِ الحُكمِ مَرَّتينِ، وهذا غيرُ مَعهودٍ في الشَّريعةِ، وأجابُوا عن أدلَّةِ الجُمهورِ بأنَّ الآيةَ لا تَشملُ المُتوفَّى عنها زَوجُها.
وإليكَ بعضَ الآثارِ التي رَواها عبدُ الرزَّاقِ في مُصنَّفِه عن الصَّحابةِ والتابعينَ، وذكَرَها ابنُ القيِّمِ في «زَاد المَعادِ»:
رَوى عبدُ الرزَّاقِ عن مَعمرٍ عن الزُّهريِّ عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ «عن عائِشةَ ﵂ أنها كانَتْ تُفتِي المُتوفَّى عنها بالخُروجِ في عدَّتِها، وخرَجَتْ بأختِها أمِّ كُلثومٍ حينَ قُتلَ عنها طَلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ إلى مكَّةَ في عُمرةٍ».