وقد قيلَ: إنَّ المَريضةَ مثلُ التي تَرتفعُ حَيضتُها لغيرِ سَببٍ.
وأما المُستحاضةُ فعدَّتُها عندَ مالكٍ سَنةٌ إذا لم تُميِّزْ بينَ الدمَينِ، فإنْ ميَّزتْ بين الدمَينِ فعَنه رِوايتانِ: إحداهُما: أنَّ عدَّتَها السَّنةُ.
والأخرَى: أنها تَعملُ على التَّمييزِ فتَعتدُّ بالأقراءِ.
وقالَ أبو حَنيفةَ: عدَّتُها الأقراءُ إنْ تَميَّزتْ لها، وإنْ لم تَتميَّزْ لها فثَلاثةُ أشهُرٍ.
وقالَ الشافِعيُّ: عدَّتُها بالتَّمييزِ إذا انفصَلَ عنها الدمُ، فيَكونُ الأحمَرُ القاني مِنْ الحَيضةِ، ويكونُ الأصفَرُ مِنْ أيامِ الطُّهرِ، فإنْ طَبقَ عليها الدمُ اعتدَّتْ بعَددِ أيامِ حَيضتِها في صحَّتِها.
وإنما ذهَبَ مالِكٌ إلى بَقاءِ السَّنةِ لأنه جعَلَها مثلَ التي لا تَحيضُ وهي مِنْ أهلِ الحَيضِ، والشافِعيُّ إنما ذهَبَ في العارِفةِ أيامَها أنها تَعملُ على مَعرفتِها؛ قِياسًا على الصَّلاةِ؛ لقَولِه ﷺ للمُستحاضةِ:«اترُكِي الصلاةَ أيامَ أقرائِكِ، فإذا ذهَبَ عنكِ قَدرُها فاغسِلي الدمَ»، وإنما اعتبَرَ التمييزَ لقَولِه ﷺ لفاطِمةَ بنتِ حُبيشٍ:«إذا كانَ دمُ الحَيضِ فإنه دمٌ أسوَدُ يُعرفُ، فإذا كانَ ذلكَ فأمسِكِي عن الصلاةِ، فإذا كانَ الآخَرُ فتَوضَّئي وصلِّي فإنما هو عِرقٌ» خرَّجَه أبو داودَ، وإنما ذهَبَ مَنْ ذهَبَ إلى عدَّتِها بالشُّهورِ إذا اختَلطَ عليها الدمُ لأنه مَعلومٌ في الأغلَبِ أنها في كلِّ شَهرٍ تَحيضُ، وقد جعَلَ اللهُ العدَّةَ بالشُّهورِ عندَ ارتفاعِ الحَيضِ، وخَفاؤُه كارتِفاعِه.