للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بثَلاثةِ أشهُرٍ» لَكانَ جَيدًا إذا فُهمَ مِنْ اليائِسةِ التي لا يُقطعُ بانقِطاعِ حَيضتِها.

وكانَ قَولُه: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ راجِعًا إلى الحُكمِ لا إلى الحَيضِ على ما تأوَّلَه مالِكٌ عليهِ، فكأنَّ مالِكًا لم يُطابقْ مَذهبُه تأويلَه الآيةَ؛ فإنه فَهِمَ مِنْ اليائِسةِ هُنا مَنْ تُقطَعُ على أنها ليسَتْ مِنْ أهلِ الحَيضِ، وهذا لا يَكونُ إلا مِنْ قِبَلِ السنِّ، ولذلكَ جعَلَ قولَه: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ راجِعًا إلى الحُكمِ لا إلى الحَيضِ، أي: إنْ شكَكْتُم في حُكمِهنَّ، ثم قالَ في التي تَبقَى تِسعةَ أشهُرٍ لا تَحيضُ وهي في سَنِّ مَنْ تَحيضُ: إنها تَعتدُّ بالأشهُرِ.

وأما إسماعيلُ وابنُ بُكيرٍ مِنْ أصحابِه فذَهَبوا إلى أنَّ الرِّيبةَ هاهُنا في الحَيضِ، وأنَّ اليائِسَ في كَلامِ العَربِ هو ما لم يُحكَمْ عليهِ بما يَئِسَ منه بالقَطعِ، فطابَقُوا تأويلَ الآيةِ مَذهبَهم الذي هو مَذهبُ مالِكٍ، ونِعمَ ما فَعلُوا؛ لأنه إنْ فُهمَ هاهُنا مِنْ اليائِسِ القطعُ فقدْ يَجبُ أنْ تَنتظرَ الدمَ وتَعتدَّ به حتى تَكونَ في هذا السنِّ، أعني سِنَّ اليائسِ، وإنْ فُهمَ مِنْ اليائسِ ما لا يُقطعُ بذلكَ فقدْ يَجبُ أنْ تَعتدَّ التي انقطَعَ دَمُها عن العادةِ وهي في سِنِّ مَنْ تَحيضُ بالأشهُرِ، وهو قياسُ قَولِ أهلِ الظاهرِ؛ لأنَّ اليائِسةَ في الطَّرفينِ ليسَ هي عندَهم مِنْ أهلِ العدَّةِ لا بالأقراءِ ولا بالشُّهورِ.

أما الفَرقُ في ذلكَ بينَ ما قبلَ التِّسعةِ وما بعدَها فاستِحسانٌ.

وأما التي ارتَفعَتْ حَيضتُها لسبَبٍ مَعلومٍ مثلَ رَضاعٍ أو مَرضٍ فإنَّ المَشهورَ عندَ مالكٍ أنها تَنتظرُ الحيضَ، قَصُرَ الزَّمانُ أم طالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>