للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُجةُ مالكٍ أنَّ المُرتابةَ تَعتدُّ بالأشهُرِ؛ لأنَّ في ذلكَ يَظهرُ حَملُها على كلِّ حالٍ، فلا يُمكنُ أنْ يَستمرَّ الحَملُ في الشَّهرِ التاسعِ، فإذا استُوقِنَ أنْ لا حمْلَ في هَذهِ المُدةِ قيلَ: قد عَلِمْنا أنكِ لسْتِ مُرتابةً ولا مِنْ ذَواتِ الأقراءِ، فاستَأنِفي ثَلاثةَ أشهُرٍ كما قالَ اللهُ تعالَى فيمَن لَسْنَ مِنْ ذَواتِ الأقراءِ؛ قياسًا على أنَّ العدَّةِ بالشُّهورِ لصِغَرٍ إذا حاضَتْ قبلَ تَمامِ الثلاثةِ الأشهُرٍ عُلِمَ أنها مِنْ ذَواتِ الأقراءِ، فقيلَ لها: استَأنِفي الأقراءَ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا نَعرفُ له -أي لعُمرَ- مُخالِفًا، قالَ ابنُ المُنذِرِ: قضَى به عُمرُ بينَ المُهاجرينَ والأنصارِ ولم يُنكِرْه مُنكِرٌ.

وقالَ الأثرَمُ: سَمعتُ أبا عَبدِ اللهِ يُسألُ عن الرَّجلِ يُطلِّقُ امرَأتَه فتَحيضُ حَيضةً ثم يَرتفعُ حَيضُها، قالَ: أذهَبُ إلى حَديثِ عُمرَ إذا رُفعَتْ حَيضتُها فلَم تَدْرِ ممَّا ارتفَعَتْ فإنها تَنتظرُ سَنةً، قيلَ له: فحاضَتْ دونَ السَّنةِ؟ فقالَ: تَرجعُ إلى الحَيضةِ، قيلَ له: فإنِ ارتفَعَتْ حَيضتُها أيضًا لا تَدرِي ممَّا ارتفَعَتْ؟ قالَ: تَقعدُ سَنةً أخرَى، وهذا قَولُ كلِّ مِنْ وافَقَنا في المَسألةِ الأُولى؛ وذلكَ لأنها لمَّا ارتفَعَتْ حَيضتُها حصَلتْ مُرتابةً، فوجَبَ أنْ تَنتقلَ إلى الاعتِدادِ بسَنةٍ كما لو ارتَفعَ حَيضُها حينَ طلَّقَها، ووجَبَ عليها سَنةٌ كامِلةٌ؛ لأنَّ العدَّةَ لا تَنبنِي على عدَّةٍ أُخرَى، ولذلكَ لو حاضَتْ حَيضةً أو حَيضتَينِ ثم يَئِسَت انتقَلتْ إلى ثلاثةِ أشهُرٍ (٢).


(١) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤٨٤، ٤٨٥).
(٢) «المغني» (٨/ ٩٠)، و «الكافي» (٣/ ٣٠٨)، و «الإشراف على مذاهب العلماء» (٥/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٣٥، ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>