للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالموجِبُ عليها عدَّةَ الشُّهورِ مُخالِفٌ للكِتابِ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى جعَلَ عدَّةَ ذَواتِ الأقراءِ الحيضُ بقَولِه تعالَى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، ولم يُفرِّقْ بينَ مَنْ طالَتْ مُدةُ حَيضتِها أو قَصُرتْ.

ولِما رَواهُ الأعمَشُ ومَنصورٌ عن إبراهيمَ عن عَلقمةَ بنِ قَيسٍ أنه طلَّقَ امرَأتَه تَطليقةً أو تَطليقتَينِ ثم حاضَتْ حَيضةً أو حَيضتَينِ ثم ارتَفعَ حَيضُها سَبعةَ عشَرَ شَهرًا أو ثَمانيةَ عشَرَ شَهرًا ثم ماتَتْ، فجاءَ إلى ابنِ مَسعودٍ فسَألَه فقالَ: «حبَسَ اللهُ عليكَ مِيراثَها، فورَّثَه مِنها» (١) (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنَّ المَرأةَ إذا حاضَتْ حَيضةً أو حَيضتَينِ ثم ارتَفعَ حَيضُها لا تَدرِي ما رفَعَه لم تَنقَضِ عِدتُها إلا بعدَ سَنةٍ بعدَ انقِطاعِ الحَيضِ تِسعةَ أشهُرٍ تَتربَّصُ فيها ليُعلَمَ بَراءتُها مِنْ الحَملِ؛ لأنها غالِبُ مُدتِه، ثم تَعتدُّ بعدَ ذلكَ ثَلاثةَ أشهُرٍ، قالَ ابنُ قُدامةَ : قالَ الشافِعيُّ: هذا قَضاءُ عُمرَ بينَ المُهاجرينِ والأنصارِ لا يُنكِرُه مُنكِرٌ عَلِمْناه فصارَ إجماعًا.

فإنْ حاضَتْ قبلَ انقِضاءِ السَّنةِ ولو بلَحظةٍ لَزمَها الانتقالُ إلى القُروءِ؛ لأنها الأصلُ، فبطَلَ حُكمُ البَدلِ كالمُتيمِّمِ إذا رَأَى الماءَ، وإنْ عادَ الحَيضُ


(١) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٤١٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٩٥)، و «أحكام القرآن» (٥/ ٣٥٢، ٣٥٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٦)، و «اختلاف العلماء» للمروذي ص (١٧٠)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٤/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>