غيرَ الحَيضةِ التي طلَّقَها فيها إنْ طلَّقَها حائِضًا، فإذا اغتَسلَتْ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ فقَدِ انتَهتْ عدَّتُها وأبيحَتْ للأزواجِ.
وهذا مَرويٌّ عن أبي بَكرٍ الصِّديقِ وعُمرَ بنِ الخطَّابِ وعليِّ بنِ أبي طالبٍ وعبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ وأبي مُوسَى الأشعَريِّ ومُعاذِ بنِ جَبلٍ وأبي الدَّرداءِ وعُبادةَ بنِ الصامِتِ وابنِ عبَّاسٍ ﵃ وجَماعةٍ مِنْ التابعِينَ بالحِجازِ والشامِ والعِراقِ، وقَولُهم كلِّهم أنَّ المُطلَّقةَ لا تَحلُّ للأزواجِ حتَّى تَغتسلَ مِنْ الحَيضةِ الثالِثةِ.
والدَّليلُ على أنَّ القُرءَ هو الحَيضُ ما رُويَ عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ:«عِدَّةُ الأمَةِ حَيضَتانِ»(١)، والأمَةُ لا تُخالِفُ الحُرةَ في جِنسِ ما تَقعُ به العدَّةُ، وإنما تُخالفُها في العَددِ.
ولأنَّ اللهَ تعالَى نَصَّ على الثَّلاثةِ وعلى الجَمعِ بقَولِه: ﴿ثَلَاثَةَ﴾ وبقَولِه: ﴿قُرُوءٍ﴾، والثلاثةُ اسمٌ لعَددٍ مَعلومٍ لا يَجوزُ إطلاقُه على ما هو أكثَرُ منه ولا أقَلُّ، وحَملُه على الأطهارِ يُؤدِّي إلى أنه أُطلِقَ على أقَلَّ وهو طُهرانِ وبَعضُ الثالثِ، وهو خُلفٌ، وكذا الجَمعُ الكامِلُ هو الثلاثةُ وهو حَقيقةٌ فيه، فكانَ أَولى.
وعن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ ﵁ أنَّ فاطِمةَ بنتَ أبي حُبيشٍ حدَّثَتْه أنها أتَتْ رَسولَ اللهِ ﷺ فشكَتْ إليه الدَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ:
(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢١٨٩)، والترمذي (١١٨٢)، وابن ماجه (٢٠٧٩).