إلا أنَّ فُقهاءَ المَذاهبِ الأربَعةِ اختَلفُوا في الأقراءِ التي تَجبُ على المَرأةِ إذا طلقَتْ ما هيَ؟ هل هيَ الحَيضُ أم الطُّهرُ؟ وعَليهِ اختَلفُوا في الوَقتِ الذي تَبِينُ فيهِ المُطلَّقةُ مِنْ زَوجِها حتَّى لا يَكونُ لهُ عَليها رَجعةٌ.
وفائِدةُ الخِلافِ في هَذا أنَّ مَنْ يَقولُ أنَّ القُرءَ هوَ الطُّهرُ أنَّها إذا دَخلَتْ في الحَيضةِ الثَّالثةِ فَقدِ انتَهتْ عدَّتُها وحلَّتْ للأزواجِ، وهَذا مَذهبُ المالِكيةِ والشافِعيةِ.
ومَن يَقولُ أنَّ القُرءَ هو الحَيضُ -وهُم الحَنفيةُ والحَنابلةُ- فإنَّ لزَوجِها أنْ يُراجعَها ما لم تَغتسلْ مِنْ حَيضتِها الثالِثةِ، فإنِ اغتَسلَتْ انقَطعَتِ الرَّجعةُ؛ لأنه ثبَتَ لها حُكمٌ مِنْ أحكامِ الطاهِراتِ، وهو إباحةُ أداءِ الصَّلاةِ.
وبَيانُ ذلكَ فيما يَلي على قَولينِ:
القَولُ الأولُ: ذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَقصودَ بالقُرءِ الحَيضُ، فإذا طلَّقَ الرَّجلُ امرَأتَه وقد دخَلَ بها فعِدتُها ثَلاثُ حِيَضٍ