للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالُ الثَّاني: ألقَتْ نُطفةً أو دَمًا لا تَدرِي هل هو ما يُخلَقُ منه الآدَميُّ أو لا؟ فهذا لا يَتعلقُ به شَيءٌ مِنْ الأحكامِ؛ لأنه لم يَثبتْ أنه وَلدٌ لا بالمُشاهَدةِ ولا بالبيِّنةِ.

الحَالُ الثالثُ: ألقَتْ مُضغةً لم تَبِنْ فيها الخِلقةُ فشَهِدَ ثِقاتٌ مِنْ القَوابلِ أنَّ فيه صُورةً خَفيةً بانَ بها أنها خِلقةُ آدَميٍّ، فهذا في حُكمِ الحالِ الأولِ؛ لأنه قد تَبيَّنَ بشَهادةِ أهلِ المَعرفةِ أنه وَلدٌ.

الحالُ الرابعُ: إذا ألقَتْ مُضغةً لا صُورةَ فيها فشَهدَ ثِقاتٌ مِنْ القَوابلِ أنه مُبتدَأُ خَلقِ آدَميٍّ، فاختُلفَ عن أحمَدَ، فنقَلَ أبو طالبٍ أنَّ عِدتَها لا تَنقضِي به ولا تَصيرُ به أمَّ وَلدٍ؛ لأنه لم يَبِنْ فيه خَلقُ آدَميٍّ، فأشبَهَ الدمَ، وقد ذكرَ هذا قَولًا للشافِعيِّ، وهو اختِيارُ أبي بَكرٍ.

ونقَلَ الأثرمُ عن أحمَدَ أنَّ عِدتَها لا تَنقضِي به، ولكنْ تَصيرُ أمَّ وَلدٍ؛ لأنه مَشكوكٌ في كَونِه وَلدًا، فلَم يُحكمْ بانقِضاءِ العدَّةِ المُتيقَّنةِ بأمرٍ مَشكوكٍ فيه، ولم يَجزْ بيعُ الأمَةِ الوالِدةِ له مع الشكِّ في رِقِّها، فيَثبتُ كَونُها أمَّ وَلدٍ احتِياطًا، ولا تَنقضِي العدَّةُ احتِياطًا، ونقَلَ حَنبلٌ أنها تَصيرُ أمَّ وَلدٍ ولم يَذكُرِ العدَّةَ، فقالَ بَعضُ أصحابِنا: على هذا تَنقضِي به العدَّةُ، وهو قَولُ الحَسنِ وظاهِرُ مَذهبِ الشافِعيِّ؛ لأنهم شَهِدوا بأنه خِلقةُ آدَميٍّ، أشبَهَ ما لو تَصوَّرَ، والصَّحيحُ أنَّ هذا ليسَ برِوايةٍ في العدَّةِ؛ لأنه لم يَذكرْها ولم يَتعرضْ لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>