للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: تَنقضِي العدَّةُ بوَضعِ وَلدٍ مَيتٍ قد بانَ فيه شَيءٌ مِنْ خِلقةِ الآدَميِّ مِنْ عَينٍ أو ظُفرٍ انقَضَتْ به العدَّةُ كالحيِّ؛ لإطلاقِ الآيةِ.

ولا تَنقضِي بوَضعِ عَلقةٍ، وهي مَنيٌّ يَستحيلُ في الرَّحمِ فيَصيرُ دَمًا غَليظًا، فلا تَنقضِي العدَّةُ بها؛ لأنها لا تُسمَّى حَملًا، وإنما هي دَمٌ.

وتَنقضِي العدَّةُ بوَضعِ مُضغةٍ -وهي العَلقةُ المُستحيلةُ قِطعةَ لَحمٍ، قالَ الزَّمخشريُّ: سُميَتْ بذلكَ لأنها صَغيرةٌ كقَدرِ ما يُمضَغُ- فيها صُورةُ آدَميٍّ خَفيَّةٌ على غيرِ القوابِلِ أخبَرَ بها القَوابلُ؛ لظُهورِها عندَهنَّ، كما لو كانَتْ ظاهِرةً عندَ غَيرهنَّ أيضًا بظُهورِ يَدٍ أو أصبعٍ أو ظُفرٍ أو غيرِها بصَبِّ ماءٍ حُلوٍ أو غيرِه فظَهَرتِ الصُّورةُ.

فإنْ لم يَكنْ في المُضغةِ صُورةٌ لا ظاهِرةٌ ولا خَفيةٌ أخبَرَ بها القَوابلُ ولكنْ قُلْنَ: «هيَ أصلُ آدَميٍّ، ولو بَقِيتْ لَتصوَّرتْ» انقَضتِ العدَّةُ بوَضعِها على المَذهبِ المَنصوصِ؛ لحُصولِ بَراءةِ الرَّحمِ بذلكَ؛ لأنَّ بَراءةَ الرَّحمِ تَحصلُ برُؤيةِ الدمِ، فهذا أَولى.

ولو شكَّتِ القَوابلُ في أنها أصلُ آدَميٍّ لم تَنقضِ بوَضعِها قَطعًا.

ولو اختَلفَ الزَّوجانِ فيما وضَعَتْه فالقَولُ قَولُ المَرأةِ بيَمينِها في أنها أسقَطَتْ ما تَنقضِي به العدَّةُ، سَواءٌ أكذَبَها الزوجُ أم لا؛ لأنها مُؤتمَنةٌ فيها، ولأنها تُصدَّقُ في أصلِ السَّقطِ، فكذا في صِفتِه (١).


(١) «البيان» (١١/ ١٠، ١١)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٧١٢، ٧١٣)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٣٦، ١٣٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٩٠، ٩١)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٨، ٢٩)، و «الديباج» (٣/ ٥٥٨، ٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>