للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ عدَّةَ المَرأةِ تَنقضِي بالسَّقطِ تُسقِطُه إذا عُلمَ أنه وَلدٌ (١).

وللعُلماءِ في ذلكَ تَفصيلٌ في كلِّ مَذهبٍ، هل يُشترطُ أنْ يَستبينَ خَلقُه أم لا يُشترطُ؟

قالَ الحَنفيةُ: شَرطُ انقِضاءِ هذهِ العدَّةِ أنْ يَكونَ ما وضَعَتْ قد استَبانَ خَلقُه أو بَعضُ خَلقِه، فإنْ لم يَستبنْ رأسًا بأنْ أسقَطَتْ عَلقةً أو مُضغةً لم تَنقضِ العدَّةُ؛ لأنه إذا استبانَ خَلقُه أو بَعضُ خَلقِه فهو وَلدٌ، فقدْ وُجدَ وَضعُ الحَملِ، فتَنقضِي به العدَّةُ، وإذا لم يَستبنْ لم يُعلَمْ كَونُه وَلدًا، بل يَحتملُ أنْ يَكونَ ويَحتملُ أنْ لا يَكونَ، فيَقعُ الشكُّ في وَضعِ الحَملِ، فلا تَنقضي العدَّةُ بالشكِّ.

ولا يُقبلُ قَولُها: «ولَدْتُ» بلا بيِّنةٍ، فلو طُلبَ يَمينُها باللهِ «لقدْ أسقَطْتُ سَقطًا مُستبينَ الخَلقِ» حلفَتِ اتِّفاقًا (٢).

وقالَ المالِكيةُ: إذا أسقَطَتِ المُطلَّقةُ مُضغةً أو عَلقةً فإنَّ عدَّتَها تَنقضِي به؛ لأنَّ أولَ خَلقِ الآدَميِّ مُستحيلٌ مِنْ النُّطفةِ، فوجَبَ إذا ألقَتْه أنَّ تَنقضيَ به عدَّتُها كما لو بانَ فيه تَخطيطٌ، ولأنه يَنطلقُ عليه اسمُ الحَملِ والإسقاطِ، فوجَبَ أنْ تَنقضيَ به العدَّةُ كالوَلدِ (٣).


(١) «الإشراف على مذاهب العلماء» (٥/ ٣٥٢)، و «الإجماع» (٨٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٩٦)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٣٩٢)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٨، ٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥١١)، و «درر الحكام شرح غرر الأحكام» (٤/ ٤٠١).
(٣) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٦)، رقم (١٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>