قائِمًا مَقامَه كما يُقيمُ المَريضُ الفَيئةَ بقَولِه بَدلًا عن الفيئةِ بالجِماعِ، فإنْ قالَ:«لم أُصدِّقِ المُخبِرَ عنه» نَظرْتَ؛ فإنْ كانَ مُستفيضًا مُنتشِرًا لم يُقبلْ قَولُه، وإنْ لم يَكنْ مُستفيضًا وكانَ المُخبِرُ مَشهورَ العَدالةِ لم يُقبلْ، وإلا قُبلَ.
وإنْ قالَ:«لم أعلَمْ أنَّ عليَّ ذلكَ» قُبلَ قولُه؛ لأنه ممَّا يَخفى، وإنْ عَلِمَ وهو غائبٌ فأمكَنَه السيرُ فاشتَغلَ به لم يَبطلْ خِيارُه، وإنْ أقامَ مِنْ غيرِ حاجَةٍ بطَلَ؛ لأنه أخَّرَه لغَيرِ عُذرٍ، وإنْ كانَتْ له حاجَةٌ تَمنعُه مِنْ السيرِ فهو على ما ذكَرْنا مِنْ قَبلُ.
وإنْ أخَّرَ نفيَه لغيرِ عُذرٍ وقالَ:«أخَّرتُ نفيَه رَجاءَ أنْ يَموتَ فأستُرَ عليه وعَليَّ» بَطلَ خِيارُه؛ لأنه أخَّرَ نفيَه مع الإمكانِ لغيرِ عُذرٍ.
فَصلٌ: فإنْ هُنِّئَ به فأمَّنَ على الدُّعاءِ لَزمَه في قَولِهم جَميعًا، وإنْ قالَ:«أحسَنَ اللهُ جَزاءَكَ، أو بارَكَ اللهُ عليكَ، أو رزَقَكَ اللهُ مِثلَه» لَزمَه الولدُ، وبهذا قالَ أبو حَنيفةَ، وقالَ الشافِعيُّ: لا يَلزمُه؛ لأنه جَازاهُ على قَصدِه، وإذا قالَ:«رزَقَكَ اللهُ مِثلَه» فليسَ ذلكَ إقرارًا ولا مُتضمِّنًا له.
ولنا: إنَّ ذلكَ جَوابُ الرَّاضي في العادةِ، فكانَ إقرارًا كالتأمينِ على الدُّعاءِ، وإنْ سَكتَ كانَ إقرارًا، ذكَرَه أبو بَكرٍ؛ لأنَّ السُّكوتَ صُلحٌ دالٌّ على الرِّضى في حَقِّ البِكرِ وفي مَواضعَ أُخَرَ، فهاهُنا أَولى، وفي كُلِّ مَوضعٍ لَزمَه الولدُ لم يَكنْ له نفيُه بعدَ ذلكَ في قولِ جَماعةِ أهل العِلمِ، منهُم الشعبيُّ والنخَعيُّ وعُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ ومالكٌ والشافِعيُّ وابنُ