للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ عُمرُ : «المُتلاعِنانِ يُفرَّقُ بينَهُما ولا يَجتمِعانِ أبدًا» (١)، وعن عَليٍّ (٢) وابنِ مَسعودٍ (٣) نحوُه.

ولأنه تَحريمٌ لا يَرتفعُ قبلَ الحَدِّ والتكذيبِ، فلمْ يَرتفعْ بهِما كتَحريمِ الرَّضاعِ.

ولأنَّ النبيَّ قالَ للمُتلاعِنَينِ: «حِسابُكُما على اللَّهِ، أحَدُكُما كاذِبٌ، لا سَبيلَ لكَ عليها» (٤)، ولم يَقُلْ له: «إلا أنْ تُكذِّبَ نفْسَك»، فكانَ كالتحريمِ المُؤبَّدِ في الأمَّهاتِ ومَن ذُكرَ مَعهُنَّ، وهذا شأنُ كُلِّ تَحريمٍ مُطلَقِ التأبيدِ، ألَا تَرى أنَّ المُطلِّقَ ثَلاثًا لمَّا لم يكنْ تَحريمُه تأبيدًا أوقعَ فيه الشَّرط بنِكاحِ زَوجٍ غيرِه، ولو قالَ: «فإنْ طلَّقَها فلا تَحِلُّ لهُ» لَكانَ تَحريمًا مُطلَقًا لا تَحِلُّ له أبدًا، وقد أطلَقَ النبيُّ التحريمَ في المُلاعَنةِ ولم يُضمِّنْه بوَقتٍ، فهو مُؤبَّدٌ، فإنْ أكذَبَ نفْسَه لَحقَ به الوَلدُ؛ لأنه حَقٌّ جحَدَه ثم عادَ إلى الإقرارِ به، وليسَ كذلكَ النكاحُ؛ لأنه حَقٌّ ثبَتَ عليه بقَولِه: «لا سَبيلَ لكَ عليها»، فلا يَتهيَّأُ له إبطالُه (٥).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحُ: رواه سعيد بن منصور في «سننه» (١٥٦١)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٧٣٦٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٥١٣٦).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٧/ ١١٢)، رقم (١٢٤٣٦)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٤/ ٣٥١)، رقم (١٧٦٥٨)، والدارقطني (٤/ ٤١٧).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٧/ ١١٢)، رقم (١٢٤٣٤).
(٤) رواه البخاري (٥٠٠٦، ٥٠٣٥)، ومسلم (١٤٩٣).
(٥) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤٧٧)، و «التمهيد» (١٥/ ٢٩، ٣٠)، و «الاستذكار» (٦/ ١٠١، ١٠٣)، و «الكافي» (٢٩٠)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١١٣، ١١٤)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٧٥)، و «المغني» (٨/ ٥٥)، و «المبدع» (٧/ ٦٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٧٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٦٩)، و «منار السبيل» (٣/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>