للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الزنا بفُلانٍ»؛ لأنَّ اللهَ ﷿ لم يَجعلْ على مَنْ رَمَى زَوجتَه بالزنى إلا حَدًّا واحِدًا بقَولِه: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور: ٦] ولم يُفرِّقْ بينَ مَنْ ذكَرَ رَجلًا بعَينِه وبينَ مَنْ لم يَذكرْ، ولأنَّ هِلالَ بنَ أميَّةَ قذَفَ زَوجتَه بشَريكِ بنِ سَحماءَ فلمْ يَحُدَّه النبيُّ له ولا عَزَّرَه، ولو وجَبَ الحَدُّ عليه لَأعلَمَ شَريكًا به ليَستوفيَه إنْ شاءَ، ولأنَّ اللعانَ بيِّنةٌ في أحَدِ الطَّرفينِ، فكانَ بيِّنةً في الطرفِ الآخَرِ كالشهادةِ، ولأنَّ به حاجَةً إلى قَذفِ الزاني؛ لِمَا أفسَدَ عليه مِنْ فِراشِه، وربُّما يَحتاجُ إلى ذِكرِه ليَستدلَّ بشَبهِ الوَلدِ بالمَقذوفِ على صِدقِ قاذفِه كما استَدلَّ النبيُّ على صِدقِ هِلالٍ بشبَهِ الولدِ بشَريكِ بنِ سَحماءَ، فوجَبَ أنْ يُسقطَ حُكمُ قَذفِه ما أسقَطَ حُكمُ قَذفِها؛ قِياسًا له عليها.

ووجَبَ به حَدُّ الزنا على الزوجةِ إذا لم تُلاعِنْ عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ في قَولٍ، ولم يَجبْ به حَدُّ الزنا على الرجلِ المُسمَّى معَها اتفاقًا، إلا أنْ تكونَ هناكَ بينةٌ أو يُقِرَّ بالزنا.

قالَ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ وابنُ عبدِ البرِّ: ولا يَختلفونَ أنَّ مَنْ قَذفَ امرأتَه برَجلٍ فلاعَنَ لم يُحَدَّ الرجلُ (١).

فإنْ قيلَ: فلِم لا يَتساويانِ في وُجوبِ الحَدِّ عليهِما باللعانِ كما استَويَا في وُجوبِ الحَدِّ عليهِما بالبيِّنةِ؟


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣٢٢)، و «الاستذكار» (٥/ ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>