للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الجَوابُ عنِ استِدلالِه بالخبَرِ فنَحنُ نَقولُ بمُوجَبِه؛ لأنه تَضمَّنَ قتْلَها بزِناها بعدَ إحصانِها، وبذلك تُقتَلُ لا بغيرِه، وأمَّا قَولُه: «إنَّ ما لا يَجبُ بهِ الحَدُّ على غَيرِ الزوجةِ لا يَجبُ بهِ الحَدُّ على الزوجةِ» فلا يَجوزُ أنْ يُعتبَرَ في اللعانِ حُكمُ الزوجةِ بغَيرِها؛ لاختِصاصِ اللعانِ بالأزواجِ، ثمَّ المَعنى في الأَيمانِ مُبايَنتُها للِّعانِ في نَفيِ النَّسبِ، فتُبايِنُها في وُجوبِ الحَدِّ، وأمَّا قَولُهم: «إنَّ حَدَّها حُكمٌ عليها بالنُّكولِ الذي لا يَراهُ الشافعيُّ» فليسَ بصَحيحٍ؛ لأنَّنا نَحُدُّها بلِعانِ الزوجِ لا بنُكولِها عنِ اللعانِ؛ لأنَّ لِعانَها يُسقطُ عنها الحَدَّ بعدَ وُجوبِه (١).

وقالَ القاضي عبدُ الوَهابِ : وإنَّما قُلنا: «إنَّ الحَدَّ يَنتقلُ إلى المَرأةِ» لِمَا ذكَرْناهُ؛ لأنَّ اللِّعانَ كالبيِّنةِ، ويَدلُّ عليه قَولُه تَعالى عَقِيبَ ذِكرِ لِعانِ الزوجِ: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٨] يَعنِي نَفيَ الحَدِّ؛ لأنه مَعروفٌ، فإذا ثبَتَ هذا فلَها أنْ تُخلِّصَ نفسَها بالالتِعانِ، فإنِ التَعنَتْ سقَطَ الحَدُّ عنها، وإنْ نَكلَتْ حُدَّتْ، إمَّا بالرَّجمِ إنْ كانَتْ مُحصَنةً، أو بالجَلدِ إنْ كانَتْ بكرًا، وقالَ أبو حَنيفةَ: لا حَدَّ عليها.

ودَليلُنا: قَولُه تَعالَى: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٨] الآيَة، فذكَرَ لِعانَ الزوجِ ثمَّ عَقبَه بالإخبارِ عمَّا يُسقطُ عنها العَذابَ المُتوجِّهَ عليها بلِعانِه وهو أنْ يلتَعِنَ، فدَلَّ أنَّ الحَدَّ قد لَزمَها بلِعانِه، وأنَّ لها


(١) «الحاوي الكبير» (١١/ ٢٩، ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>