للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابِ الرأيِ؛ لأنه أحَدُ مُوجَبَي القَذفِ، فلا يُشرَعُ مع عَدمِ المُطالَبةِ كالحَدِّ (١).

وقالَ القاضي عبدُ الوَهابِ : وللزوجِ أنْ يُلاعِنَ وإنْ قدَرَ على إقامَةِ البيِّنةِ، خِلافًا لقَومٍ؛ لأنَّ اللِّعانَ يُستفادُ بهِ ما لا يُستفادُ بالبيِّنةِ مِنْ نَفيِ الولَدِ وزَوالِ الفِراشِ، والحاجةُ داعِيةٌ إليه مع وُجودِ البيِّنةِ كما تَدعُو إليه معَ عَدمِها، فجازَ في الحالَينِ (٢).

وأمَّا الشافِعيةُ فقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وإنْ قذَفَ زَوجتَه وأقامَ عليها أربعةَ شُهودٍ بزِناها .. سقَطَ عنه حَدُّ القَذفِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤] الآيَة، فدَلَّ على أنه إذا أتَى بأربعةِ شُهداءَ .. لم يُجلَدْ.

فإنْ لم يَكنْ هناكَ وَلدٌ يَلحقُه مِنها .. لم يَكنْ له أنْ يُلاعِنَ؛ لأنَّ اللِّعانَ لدَرءِ الحَدِّ أو لنَفيِ النَّسبِ، وليسَ هناكَ واحِدٌ مِنهُما.

وإنْ كانَ هُناكَ ولدٌ يَلحقُه مِنها .. فله أنْ يُلاعِنَ لنَفيِه؛ لأنه لا يَنتفِي عنه بالبيِّنةِ، فإنْ كانَ ولدًا مُنفصِلًا .. فله أنْ يُلاعِنَ، وإنْ كانَ حَمْلًا .. فله أنْ يَصبِرَ باللعانِ إلى أنْ تَضعَ، وهل له أنْ يُلاعِنَ لنَفيِه قبلَ الوَضعِ؟ على الطريقَينِ في التي قبْلَها.


(١) «المغني» (٨/ ٤٩).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٠٩، ٥١٠)، رقم (١٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>