للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وذكَرَ القاضِي في «المُجرَّد» أنَّ مَنْ لا يَجبُ الحَدُّ بقَذفِها -وهيَ الأمَةُ والذمِّيةُ والمَحدودةُ في الزِّنا- لزَوجِها لِعانُها لنَفيِ الوَلدِ خاصَّةً، وليسَ له لِعانُها لإسقاطِ القَذفِ والتعزيرِ؛ لأنَّ الحَدَّ لا يَجبُ، واللعانُ إنَّما يُشرعُ لإسقاطِ حَدٍّ أو نَفيِ ولَدٍ، فإذا لم يَكنْ واحدٌ مِنهُما لم يُشرَعِ اللِّعانِ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يَصحُّ اللِّعانُ بينَ كلِّ زوجَينِ، سَواءٌ كانَا مُسلمَينِ أو كافرَينِ، أو أحَدُهما مُسلِمًا والآخَرُ كافِرًا، وسَواءٌ كانَا عَدلَينِ أو فاسِقَينِ أو مَحدودَينِ في قَذفٍ، أو كانَ أحَدُهما كذلكَ؛ لعُمومِ قَولِه تَعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور: ٦] ولَم يُفرِّقْ، ولأنَّ كلَّ زَوجٍ صحَّ طَلاقُه صحَّ لِعانُه.

ولأنَّ اللعانَ لدَرءِ العُقوبةِ الواجِبةِ بالقَذفِ ونَفيِ النَّسبِ، والعَدلُ والفاسِقٌ في هذا سَواءٌ.

ولأنَّ الزوجَ يَحتاجُ إلى نَفيِ الوَلدِ، فيُشرَعُ بهِ طَريقًا إلى نَفيِه، كما لو كانَتِ امرَأتُه مِمَّنْ يُحَدُّ بقَذفِها (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٤٠، ٤١).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٨٩)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٥٩)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٩٣، ٣٩٤)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ١٢، ١٤)، و «المهذب» (٢/ ١٢٤)، و «المغني» (٨/ ٤٠)، و «الكافي» (٣/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٨/ ٨٢)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٤٢، ٢٤٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٦٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>