للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهادةٌ مُؤكَّدةٌ بالأَيمانِ مَقرونةٌ باللَّعنِ والغَضبِ، فكُلُّ مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الشهادةِ واليَمينِ كانَ مِنْ أهلِ اللِّعانِ، ومَن لا فَلا؟

أم أنَّ اللِّعانَ أَيمانٌ بلَفظِ الشهادةِ مَقرونةٌ باللَّعنِ والغضَبِ؟ فعليهِ كلُّ مَنْ كانَ مِنْ أهلِ اليَمينِ فهو مِنْ أهلِ اللِّعانِ، سَواءٌ كانَ مِنْ أهلِ الشهادةِ أو لم يَكنْ.

فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه يُشترطُ أنْ يَكونَ اللِّعانُ بينَ زَوجَينِ عَدلَينِ، فلا يَصحُّ بينَ فاسِقَينِ ولا بينَ مَحدودَينِ في قَذفٍ أو كانَ أحَدُهما كذلك؛ لأنَّ المَحدودَ في قَذفٍ لا شَهادةَ له؛ لأنَّ اللهَ تَعالى رَدَّ شَهادتُه على التَّأبيدِ.

ولأنَّ كلَّ قَذفٍ لا يُوجِبُ الحَدَّ لو كانَ القاذِفُ أجنَبيًّا لا يُوجِبُ اللعانَ إذا كانَ القاذِفُ زَوجًا؛ لأنَّ اللعانَ مُوجبُ القذفِ في حَقِّ الزوجِ، كما أنَّ الحَدَّ مُوجبُ القَذفِ في الأجنَبيِّ، وقَذفُ واحِدٍ ممَّن ذكَرْنا لا يُوجِبُ الحَدَّ لو كانَ أجنَبيًّا، فإذا كانَ زَوجًا لا يُوجِبُ اللعانَ.

ولأنَّ اللهَ تَعالى سَمَّى الذينَ يَرمونَ أزواجَهُم شُهداءَ في آيةِ اللعانِ، واستَثناهُم مِنْ الشُّهداءِ المَذكورينَ في آيةِ القَذفِ: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)[النور: ٤]، ولم يَدخلْ واحِدٌ مِمَّنْ ذكَرْنا، واللعانُ شَهادةٌ، فلا يَجوزُ إذا كانَا كذلك أو أحَدُهما كذلكَ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٢، ٢٤٣)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٧٨)، و «العناية» (٦/ ٥٧)، و «المغني» (٨/ ٤٠)، و «الكافي» (٣/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٨/ ٨٢)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٤٢، ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>