للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَلزمُها الجَلدُ إذا نكَلَتْ؛ لفَسادِ أَنكحَتِهم، وإنْ نكَلَ هو لَزمَه الحَدُّ اتِّفاقًا (١).

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا صِفةُ المُتلاعنَينِ فإنَّ قَومًا قالوا: يَجوزُ اللِّعانُ بينَ كلِّ زوجَينِ، حُرَّينِ كانَا أو عبدَينِ، أو أحَدُهما حُرٌّ والآخَرُ عَبدٌ، مُحدودَينِ كانَا أو عَدلَينِ أو أحَدُهما، مُسلمَينِ كانَا أو كانَ الزوجُ مُسلِمًا والزوجةُ كِتابيةً، ولا لِعانَ بينَ كافرَينِ إلا أنْ يَترافَعَا إلَينا، وممَّن قالَ بهذا القَولِ مالِكٌ والشافِعيُّ.

وقالَ أبو حَنيفةَ وأصحابُه: لا لِعانَ إلا بينَ مُسلمَينِ حُرَّينِ عَدلَينِ، وبالجُملةِ فاللِّعانُ عندَهم إنَّما يَجوزُ لِمَنْ كانَ مِنْ أهلِ الشهادةِ.

وحُجَّةُ أصحابِ القَولِ الأوَّلِ عُمومُ قَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النور: ٦]، ولَم يَشتَرطْ في ذلكَ شَرطًا.

ومُعتمَدُ الحَنفيةِ أنَّ اللِّعانَ شَهادةٌ، فيُشتَرطُ فيها ما يُشترطُ في الشهادةِ؛ إذْ قد سمَّاهُم اللهُ شُهداءَ لقَولِه: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٦]، ويَقولونَ: إنه لا يَكونُ لِعانٌ إلا بينَ مَنْ يَجبُ عليه الحَدُّ في القَذفِ الواقِعِ بينَهُما.


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٥٩)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٩٣، ٣٩٤)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>