للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٦]، والاستِدلالُ بالآيةِ الكَريمةِ مِنْ وَجهَينِ:

أحَدُهما: أنه تَعالى سَمَّى الذينَ يَرمونَ أزواجَهُم شُهداءَ؛ لأنه استَثناهُم مِنْ الشُّهداءِ بقَولِه تَعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النور: ٦]، والمُستَثنَى مِنْ جِنسِ المُستَثنَى منه.

والثاني: أنه سَمَّى اللِّعانَ شَهادةً نَصًّا بقَولِه ﷿: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٦]، والخَامِسةُ أي: الشهادةُ الخامِسةُ، وقالَ تَعالى في جانِبها: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٨]، والخامِسة: أي الشهادةُ الخامِسةُ، إلا أنه تَعالى سمَّاهُ شَهادةً باللَّهِ تأكِيدًا للشهادةِ باليَمينِ، فقَولُه: «أشهَدُ» يَكونُ شَهادةً، وقَولُه: «باللَّهِ» يَكونُ يَمينًا، قالَ الكاسانِيُّ : وهذا مَذهبُنا، أنه شَهاداتٌ مُؤكَّدةٌ بالأيمانِ، وهو أَولَى مِمَّا قالَه المُخالِفُ؛ لأنه عَملٌ باللَّفظَينِ في مَعنيَينِ، وفيما قالَه حمَلَ اللَّفظَينِ على مَعنًى واحِدٍ، فكانَ ما قُلناهُ أَولَى.

والدليلُ عَلى أنه شَهادةٌ أنه شرَطَ فيه لفْظَ الشَّهادةِ وحَضرةَ الحاكِمِ.

وأمَّا قَولُه: «لو كانَ شَهادةً لَكانَ في حقِّ المَرأةِ على النِّصفِ مِنْ شَهادةِ الرَّجلِ» فنَقولُ: هو شَهادةٌ مُؤكَّدةٌ باليَمينِ، فيُراعَى فيهِ مَعنَى الشهادةِ ومَعنَى اليَمينِ، وقدْ راعَينَا مَعنَى الشهادةِ فيه باشتِراطِ لَفظةِ الشهادةِ، فيُراعَى مَعنى اليَمينِ بالتَّسويةِ بينَ الرَّجلِ والمَرأةِ في العَددِ عَملًا بالشَّبَهَينِ جَميعًا، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>