للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوجٌ مُكلَّفٌ قاذِفٌ لامرَأتِه التي يُولَدُ لمِثلِها، فكانَ له أنْ يُلاعِنَها كما لو كانَتْ عاقِلةً (١).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وإنْ قذَفَ زَوجتُه الصغيرةَ فإنْ كانَتْ لا يُوطَأُ مِثلُها كابنةِ سَبعِ سِنينَ فما دُونَها .. لم يَصحَّ قَذفُه؛ لأنَّ القَذفَ إنما يَصحُّ إذا احتُملَ أنْ يكونَ فيهِ صادِقًا أو كاذبًا، وابنةُ سَبعِ سِنينَ يعلمُ يَقينًا أنها لا تُوطَأُ وأنه كاذِبٌ، ويَجبُ عليه التَّعزيرُ للكَذبِ، وليسَ له أنْ يُلاعِنَ لإسقاطِ هذا التَّعزيرِ؛ لأنَّا نَتحقَّقُ كَذِبَه، فلا مَعنًى للِعانِه.

وقالَ الشيخُ أبو حامِدٍ: لا يُقامُ عليه التعزيرُ إلا بعدَ بُلوغِها؛ لأنه لا يَصحُّ مُطالَبتُها به، ولا يَنوبُ عنها الوَليُّ في المُطالَبةِ.

وإنْ كانَتْ صَغيرةً يُوطَأُ مِثلُها كابنَةِ تِسعِ سِنينَ فما زادَ .. صَحَّ قَذفُه؛ لأنَّ ما قالَه يَحتملُ الصِّدقَ والكَذبَ، ولا يَجبُ عليه الحدُّ بقَذفِها؛ لأنها ليسَتْ بمُحصَنةٍ، وإنَّما يَجبُ عليه التَّعزيرُ، وهَل للزوجِ أنْ يُلاعِنَ لإسقاطِ التَّعزيرِ؟ فيهِ وجهانِ:

أحَدُهما: مِنْ أصحابِنا مَنْ قالَ: ليسَ له أنْ يُلاعِنَ؛ لأنَّ اللِّعانَ يُرادُ لنَفيِ النَّسبِ أو لإسقاطِ ما وجَبَ عليه مِنْ الحَدِّ أو التَّعزيرِ بقَذفِها، وذلكَ لا يَجبُ قبلَ مُطالَبتِها.

والثاني: قالَ أبو إسحاقَ: له أنْ يُلاعِنَ لإسقاطِ ما وجَبَ عليه مِنْ


(١) «المغني» (٨/ ٤١، ٤٣)، و «البيان» (١٠/ ٤٠٨، ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>