فطالَبَتْ فلها الحَدُّ، وله إسقاطُه باللِّعانِ، وليسَ له لِعانُها قبْلَ البُلوغِ؛ لأنَّ اللِّعانَ يُرادُ لإسقاطِ الحَدِّ أو نَفيِ الوَلدِ، ولا حَدَّ عليه قبلَ بُلوغِها ولا وَلدَ فيَنفيَه، فإنْ أتَتْ بوَلدٍ حُكِمَ ببُلوغِها؛ لأنَّ الحَمْلَ أحَدُ أسبابِ البُلوغِ، ولأنه لا يكونُ إلا مِنْ نُطفتِها، فمِن ضَرورتِه إنزالُها وهو مِنْ أسبابِ بُلوغِها، وإنْ قذَفَ امرَأتَه المَجنونة بزِنًا أضافَه إلى حالِ إفاقتِها أو قذَفَها وهي عاقِلةٌ ثمَّ حَنثَ لم يَكنْ لها المُطالَبةُ ولا لوَليِّها قبلَ إفاقتِها؛ لأنَّ هذا طَريقُه التَّشفِّي، فلا يَنوبُ عنه الوَليُّ فيه كالقِصاصِ، فإذا أفاقَتْ فلها المُطالَبةُ بالحَدِّ، وللزوجِ إسقاطُه باللِّعانِ، فإنْ أرادَ لِعانَها في حالِ جُنونِها ولا ولَدَ يَنفيهِ لم يكنْ له ذلك؛ لعَدمِ الحاجةِ إليهِ؛ لأنه لم يَتوجَّهْ عليهِ حَدٌّ فيُسقطَه ولا نَسبٌ فيَنفيَه، وإنْ كانَ هناكَ ولَدٌ يُريدُ نفْيَه فالذي يَقتضيه المَذهبُ أنه لا يُلاعِنُ ويَلحقُه الوَلدُ؛ لأنَّ الولدَ إنَّما يَنتفي باللِّعانِ مِنْ الزوجينِ، وهذهِ لا يَصحُّ مِنها لِعانٌ، وقد نَصَّ أحمَدُ في الخَرْساءِ أنَّ زوْجَها لا يُلاعِنُ، فهذه أَولى، وقالَ الخِرَقيُّ في العاقِلةِ: لا يُعرَضُ له حتى تُطالِبَه زَوجتُه، وهذا قَولُ أصحابِ الرأيِ؛ لأنها أحَدُ الزوجَينِ، فلَم يُشرَعِ اللِّعانُ معَ جُنونِه كالزوجِ، ولأنَّ لِعانَ الزوجِ وَحدهُ لا يَنتفِي به الوَلدُ، فلا فائِدةَ في مَشروعيَّتِه، وقالَ القاضِي: له أنْ يُلاعِنَ لنَفيِ الوَلدِ؛ لأنه مُحتاجٌ إلى نَفيِه، فشُرعَ له طَريقٌ إلى نَفيِه، وقالَ الشافعيُّ: له أنْ يُلاعِنَ، وظاهِرُ مَذهبِه أنَّ له لِعانَها مع عدَمِ الوَلدِ؛ لدُخولِه في عُمومِ قَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور: ٦]، ولأنه