للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه أَخَلَّ بهِ، وذَكَرهُ قبلَ الشُّروعِ في رُكنٍ.

أمَّا إذا استَتمَّ قائِمًا عالِمًا ذاكِرًا لِلتشهُّدِ الأوَّلِ، ثم عادَ إليهِ بعدَ الشُّروعِ في القِراءةِ للثالِثةِ؛ فلا يَجوزُ لهُ الرُّجوعُ، وهوَ قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ؛ لِلحَديثِ السابقِ.

فإن رَجعَ فقد ذَهب الحَنفيَّةُ في الصَّحيحِ عندَهم والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ صَلاتَه تبطُلُ بذلكَ؛ لِتَكامُلِ الجِنايةِ برَفضِ الفَرضِ بعدَ الشُّروعِ فيهِ؛ لِأجلِ ما هوَ ليس بفَرضٍ. فأمَّا إن كانَ جاهِلًا بالتَّحريمِ، أو ناسِيًا، لم تبطُل؛ لأنَّه زادَ في الصَّلاةِ سَهوًا، ومتى علِم بتَحريمِ ذلك وهو في التشهُّدِ نَهَضَ ولم يُتمَّ الجُلوسَ، ولو ذكرَ الإمامُ التشهُّدَ قبلَ انتِصابهِ وبعدَ قِيامِ المَأمومِينَ وشُروعِهم في القِراءةِ، فرَجعَ، لزِمهمُ الرُّجوعُ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإن ذكرَهُ بعدَ اعتِدالهِ قائِمًا وقبلَ شُروعِه في القِراءةِ، فالأَولى لهُ ألَّا يَجلِسَ، وإن جلسَ جازَ. نصَّ عليهِ .. ويُحتَملُ أنَّه لا يَجوزُ لهُ الرُّجوعُ؛ لِحَديثِ المُغيرةِ السابقِ، ولأنَّه شرعَ في رُكنٍ؛ فلم يَجُز لهُ الرُّجوعُ، كما لو شرعَ في القِراءةِ (١).

وذَهب الإمامُ مالِكٌ وبَعضُ الحَنفيَّةِ إلى أنَّ مَنْ قامَ مِنْ اثنَتَينِ ثم عادَ إلى الجُلوسِ بعدَ قِيامِه فصَلاتُه تامَّةٌ، وتُجزِئُه سَجدَتَا السَّهوِ (٢).


(١) «المغني» (٢/ ٢١٠).
(٢) «تبيين الحقائق» (١/ ١٩٦)، و «البحر الرائق» (٢/ ١٠٩)، وابن عابدين (٢/ ٨٢، ٨٥)، و «كفاية الأخيار» (١/ ١٧١)، والطحطاوي (١/ ٣٠٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٦، ٤٧)، و «نيل الأوطار» (٣/ ١٤٨)، و «المجموع» (٤/ ١٢٩)، و «الاستذكار» (١/ ٥٢٢)، و «التَّمهيد» (١٠/ ١٨٥)، و «مطالب أولي النهى» (١/ ٥١٦)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٤٠٤)، و «منار السبيل» (١/ ١١٨، ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>