وذهبَتْ طائِفةٌ أنَّ كفَّارةَ رَمضانَ لا تَبقَى في ذمَّتِه بل تَسقطُ، وغيرُها مِنْ الكفَّاراتِ لا تَسقطُ، وهذا الذي صحَّحَه أبو البَركاتِ ابنُ تَيميةَ.
واحتَجَّ مَنْ أسقَطَها بأنها لو وَجبَتْ مع العَجزِ لَمَا صُرفَتْ إليهِ، فإنَّ الرَّجلَ لا يَكونُ مَصرِفًا لكفَّارتِه كما لا يَكونُ مَصرِفًا لزَكاتِه.
وأربابُ القَولِ الأوَّلِ يَقولونَ: إذا عجَزَ عنها وكفَّرَ الغيرُ عنه جازَ أنْ يَصرِفَها إليهِ، كما صرَفَ النبيُّ ﷺ كفَّارةَ مَنْ جامَعَ في رَمضانَ إليه وإلى أهلِه، وكما أباحَ لسَلمةَ بنِ صَخرٍ أنْ يأكُلَ هو وأهلُه مِنْ كفَّارتِه التي أخرَجَها عنه مِنْ صَدقةِ قَومِه، وهذا مَذهبُ أحمَدَ رِوايةً واحِدةً عنه في كفَّارةِ مَنْ وَطئَ أهلَه في رَمضانَ، وعنه في سائِرِ الكفَّاراتِ رِوايتانِ.
والسُّنةُ تَدلُّ على أنه إذا أَعسَرَ بالكفَّارةِ وكفَّرَ عنه غيرُه جازَ صَرفُ كفَّارتِه إليه وإلى أهلِه (١).