للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: يُشتَرطُ إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا، وإنْ صرَفَ ستِّينَ مُدًّا إلى مِائةٍ وعِشرينَ بالسَّويَّةِ احتُسبَ له بثَلاثينَ مُدًّا، فيَصرفُ ثَلاثينَ أُخرى إلى سِتِّينَ مِنهم ويَستَردُّ مِنْ الباقِينَ إنْ كانَ ذكَرَ لهم أنها كفَّارةٌ.

وإنْ صرَفَ ستِّينَ إلى ثَلاثينَ بحَيثُ لا يَنقصُ كلٌّ مِنهم عَنْ مُدٍّ لَزمَه صَرفُ ثَلاثينَ مُدًّا إلى ثَلاثينَ غيرِهم ويَستردُّ كما سبَقَ، ولو صرَفَ لمِسكينٍ واحِدٍ مُدَّينِ مِنْ كفَّارتَينِ جازَ.

وإنْ أعطَى رَجلًا مُدًّا واشتَراهُ منه مَثلًا ودفَعَه لآخَرَ وهكذا إلى ستِّينَ أجزَأهُ وكُرِهَ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: الواجِبُ في الإطعامِ إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا، لا يُجزِئُه أقَلُّ مِنْ ذلكَ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، وهذا لم يُطعِمْ إلا واحِدًا، فلم يَمتثِلِ الأمْرَ، ولأنه لم يُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا، فلم يُجزِئْه كما لو دفَعَها إليه في يَومٍ واحِدٍ، ولأنه لو جازَ الدَّفعُ إليهِ في أيَّامٍ لَجازَ في يَومٍ واحِدٍ كالزَّكاةِ وصَدقةِ الفِطرِ، يُحقِّقُ هذا أنَّ اللهَ أمَرَ بعَددِ المَساكينِ لا بعَددِ الأيَّامِ (٢).


(١) «البيان» (١٠/ ٣٩٤، ٣٩٥)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٦٢٨، ٦٢٩)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٧٨، ٧٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٩٨، ٦٩٩)، و «الديباج» (٣/ ٥٢١، ٥٢٢).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>