للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لم يَعجزْ عنِ الصَّومِ ولكنْ لَحقَه بالصَّومِ أو تَتابعِه مَشقةٌ شَديدةٌ لا تُتحمَّلُ في العادةِ فله العُدولُ إلى الإطعامِ، وضبَطَها بَعضُهم بما يُبيحُ التَّيممَ، وغَلبةُ الجُوعِ ليسَتْ بعُذرٍ ابتِداءً؛ لفَقدِه حِينئذٍ، فيَلزمُه الشُّروعُ في الصَّومِ، فإنْ عجَزَ عنه أفطَرَ وانتَقلَ للإطعامِ.

وكذا مَنْ بهِ شدَّةُ شَبَقٍ -وهو شِدَّةُ الغُلْمَةِ، أي شَهوةِ الوَطءِ- فيَجوزُ له العُدولُ إلى الإطعامِ، بخِلافِ صَومِ رَمضانَ، وإنَّما لم يَجُزْ تَركُ صَومِ رَمضانَ بشدَّةِ الشَّبقِ لأنه لا بَدلَ له ولأنه يُمكِنُه الوَطءُ فيه لَيلًا، بخلافِه في كفَّارةِ الظِّهارِ؛ لاستِمرارِ حُرمَتِه إلى الفَراغِ مِنها.

أو خافَ مِنْ الصَّومِ زِيادةَ مَرضٍ كفَّرَ بإطعامِ ستِّينَ مِسكينًا؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، ولحَديثِ أَوسِ بنِ الصَّامتِ وسَلمةَ بنِ صَخرٍ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: مَنْ عجَزَ عنِ الصَّومِ لكِبَرٍ أو مَرضٍ يخافُ بالصَّومِ تَباطُؤَه أو الزِّيادةَ فيه ولو رُجِيَ بُرؤُه، أو الشَّبَقَ فلا يَصبِرُ فيهِ عنِ الجِماعِ، ففَرضُه إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا، فإنَّ أَوسَ بنَ الصَّامتِ لمَّا أمَرَه رسولُ اللهِ بالصِّيامِ قالَتِ امرَأتُه: يا رَسولَ اللهِ إنه شَيخٌ كَبيرٌ ما بهِ مِنْ


(١) «البيان» (٣٩١)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٦٣٠، ٦٣٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٧٨، ٧٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٥٤، ٥٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٩٧، ٦٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ١١٧، ١١٨)، و «الديباج» (٣/ ٥٢١، ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>